الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008

هل يتأثر المواطن المصري العادي بالأزمة العالمية؟!


اجمع المسئولين الرسميين علي أن مصر لن تتأثر بالأزمة المالية العالمية التي هزت عروش اقوي الدول ، بل وصرح البعض بأن لدينا أنظمة رقابية أقوي من أمريكا وأوروبا . وذكرني ذلك الموقف بشخصية وزير الصحة في فيلم النوم في العسل بعد انتشار العجز الجنسي بين كل سكان مصر بأن تحدث في لقاء تليفزيوني وطالب المواطنين بالوقوف أمام المرآة ثلاث مرات في اليوم مرددين " أنا جامد ، أنا حديد ، أنا زى الفل " وتنتهي الأزمة. نفس الفكرة يرددها جميع المسئولين ورغم كلامهم إننا لن نتأثر والمواطن العادي لن يتأثر نجد وزير المالية يحدثنا عن 15 مليار جنيه إضافي سيتم ضخها في الميزانية لمواجهة الأزمة، وتحدث وزير التنمية الاقتصادية بأن خسائر مصر بحدود 25 مليار جنيه.[1] من الذي سيتحمل هذه الخسائر؟!!
تري ما الذي دفع الأستاذ محمد عطا عبدالوهاب الموجه بالتربية والتعليم في مغاغة إلي قتل زوجته واحدي بناته وإشعال النار في أفراد أسرته؟!
[2]هل تأثر بالأزمة رغم كل تصريحات المسئولين؟!!!أم انه انتحر لأنه لم يتأثر!!!
لقد صرح الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية المصري في تصريحات لرويترز إن التأثير المالي للازمة العالمية على الاقتصاد المصري سيكون محدودا ولكنها لن تتفادى على الأرجح التبعات الاقتصادية للازمة.
[3]بينما أوضح د. هاني سري الدين أستاذ القانون والرئيس السابق لهيئة سوق المال أن البورصة المصرية كانت من أكثر بورصات المنطقة تضرراً بالأزمة المالية.وأوضح أن تضررها كان كبيرا حيث تراجعت يوم الثلاثاء الأسود 7 أكتوبر بمعدل 16% في وقت كانت فيه معدلات الهبوط في البورصات الأخرى الإقليمية والعالمية ما بين 6 و9%. وأرجع سري الدين ذلك التراجع إلى عوامل هيكلية تتعلق بطبيعة البورصة المصرية، والتي يسيطر على التعامل فيها الأفراد وليس المؤسسات سواء كانوا مصريين أو أجانب.[4] لذلك خسر المئات من صغار المستثمرين تحويشة العمر في البورصة وكانت حالة الأستاذ محمد عطا هي مجرد الجزء العائم من جبل الجليد الذي أصاب صغار المتعاملين.
أشكال التأثير المباشر
ـ بشرنا المسئولين بانخفاض السعر العالمي للمواد الغذائية والحديد وفعلياً انخفضت أسعار بعض المواد الغذائية جنيه و 2 جنيه وفي نفس الوقت ارتفعت أسعار الكهرباء والتليفونات الأرضية وبذلك طالت الأزمة الجميع. إضافة إلي معاودة أسعار الحديد للارتفاع في ظل الاحتكار الحالي والقيود التي يفرضها مافيا الحديد علي الاستيراد . ألا يتأثر بذلك ملايين المصريين، ألا ينعكس ذلك علي صناعة المقاولات وسوق العقار!!!.
ـ توجد معدلات بطالة مرتفعة في مصر تصل إلي أكثر من 9% من قوة العمل وفق إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وبحث العمالة بالعينة لعام 2007 حيث تم تقدير عدد العاطلين بنحو 2.1 مليون عاطل . يضاف إليهم الداخلين الجدد لسوق العمل كل عام والخريجين . كم سيبلغ عددهم في ظل الأزمة التي لم نتأثر بها!!!!
ـ تنعكس الأزمة العالمية علي الكثير من القطاعات الاقتصادية حيث نتوقع انخفاض تدفق السائحين لمصر خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية والتي تمثل حوالي 60% من حجم السياحة الوافدة لمصر ورغم نمو أعداد السائحين خلال السنوات الماضية حتى وصل إلي 12.1 مليون سائح عام 2006 إلا أن نسب الأشغال في الفنادق والقرى السياحية لم تتجاوز 62% وتصل إلي 45% في الأقصر 29% في أسوان و44% في الإسكندرية.
ماذا سيحدث لو انخفض عدد السياح من أوروبا وأمريكا بمقدار الربع أي 1.7 مليون سائح هل تستمر الفنادق والقرى السياحية تحافظ علي 135 ألف شخص يعملون بها . ألن تفكر في توفير جزء من هذه العمالة . ألا تتأثر الصناعات والمشروعات المغذية للقطاع السياحي بدء من مصانع الأثاث والمفروشات وانتهاء بالمصانع الغذائية و أفران الخبز . ألا يؤثر ذلك علي دخل الآلاف من المصريين المرتبطين بقطاع السياحة؟!!!
ـ أكد النائب مصطفي السلاب وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب أنه يوجد 1300 مصنع تحت الإنشاء مهددة بالتوقف بسبب الأزمة.
[5] كما صرح يحي زنانيري رئيس جمعية منتجي الملابس الجاهزة أن صادرات الكويز ستنخفض بنسبة 20% لأن 95% منها كان يوجه للولايات المتحدة وأوروبا وأن السوق الأمريكي كان يستوعب 65% من الصادرات ولذلك يوجد 200 مصنع ملابس جاهزة ستتأثر بالأزمة.[6]
ـ كما طالب فاروق شلش عضو غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية بضرورة إيقاف الواردات المصرية من الخارج لحماية الصناعة الوطنية حيث أن 20% من المصانع مهددة بالإغلاق .[7] وتشكو 80% من مصانع الوبريات والمفروشات من الإغلاق لأنها كانت تعتمد علي التصدير لدول الاتحاد الأوروبي . كما تراجعت صادرات الأسمدة 15%.[8]
ـ إن انخفاض مصادر النقد الأجنبي سيؤدي لارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه ومن ثم المزيد من ارتفاع الأسعار خاصة للسلع الغذائية والأدوية المستوردة وفي ظل واردات تزيد قيمتها علي 152 مليار جنيه.وفي ظل انخفاض الصادرات وثبات الواردات ولن نقول زيادتها . سيرتفع عجز الميزان التجاري الذي بلغ 61 مليار جنيه عام 2007.
أشكال التأثير غير المباشر
ـ انخفاض تحويلات المصريين العاملين في الخارج حيث كانت تحويلات العاملين في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا تصل إلي 3 مليار دولار في عام 2007/2008 ستنخفض بفعل الأزمة.كما أن تدهور سعر البترول سيؤدي لانكماش وركود في دول الخليج وتخفيض في أعداد ومرتبات العاملين المصريين هناك . ألا يؤثر ذلك علي المواطن المصري؟!!!!
ـ بلغت عائدات المرور في قناة السويس 4.7 مليار جنيه عام 2007 ومع الأزمة وتأثر حركة التجارة الدولية سيقل عدد السفن العابرة بالقناة ، كما أن انتشار القرصنة في البحر الأحمر ينعكس علي الملاحة في قناة السويس وهي من المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي في مصر.
ـ تستثمر البنوك المصرية 5.7 مليار جنيه في بنوك خارجية حتى يونيو عام 2007
[9] كما بلغ صافي الأصول الأجنبية بالبنوك 45.2 مليار جنيه .
ـ تشكل الاستثمارات الأجنبية المباشرة من دول الأزمة 67% عام 2006/2007 منها 4.7 مليار دولار من الولايات المتحدة و 4 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي . هل يستمر تدفق هذه الاستثمارات خلال الأعوام القادمة رغم الأزمة ؟!!!!
ـ يوجد 1067 شركة مصرية خالصة تواجه كارثة الركود في الأسواق السعودية ، كما يواجه رجال الأعمال خسائر فادحة تبلغ 150 مليار دولار معلنة و300 مليار سرية في أسواق العالم. وأن أحمد عز وساويرس من كبار المتأثرين بالأزمة.
[10] كما يمتلك محمد فريد خميس مصنعين أحدهما في الصين والآخر في الولايات المتحدة تم تخفيض الإنتاج بهم ويمكن إغلاق احد هذه المصانع. ألا تؤثر هذه الأزمة علي استثماراتهم داخل مصر؟!!!
بعد ذلك علينا أن نصدق تصريحات المسئولين بأننا لن نتأثر بالأزمة وان اقتصادنا جامد .. اقتصادنا قوي .. اقتصادنا زى الفل وزى الحديد. وأن المواطن العادي لن يتأثر بالأزمة!!!
إلهامي الميرغني
eme55@hotmail.com
21/11/2008
[1] ـ جريدة نهضة مصر ـ 2/11/2008
[2] ـ جريدة الأهرام ـ 16/10/2008
[3] ـ وكالة رويتر ـ 14/10/2008.
[4] ـ الجزيرة نت ـ عبد الحافظ الصاوي-القاهرةـ التحديات المصرية لمواجهة آثار الأزمة المالية العالميةـ 22/10/2008.
[5] جريدة الأحرار 4/11/2008.
[6] جريدة العالم اليوم 28/10/2008 .
[7] جريدة البديل 25/10/2008.
[8] جريدة الأحرار 28/10/2008.
[9] البنك الأهلي المصري ـ النشرة الاقتصادية ـ العدد الأول ـ 2008 .
[10] جريدة الدستور 22/10/2008.

الخميس، 11 ديسمبر 2008

التمييز الايجابي وقضية الديمقراطية والمواطنة المتساوية في مصر


عرفت مصر قبل يوليو 1952 أنواع من التمييز السلبي في التجربة الديمقراطية تمثل في شرط الملكية الزراعية لتولي مناصب العمد وعضوية مجلس النواب( البرلمان).وعندما جاءت ثورة يوليو وعدت بالقضاء علي ديمقراطية النصف في المائة وتمكين الفقراء وعندما تطورت صيغة التمثيل الديمقراطي الناصري في لجان الاتحاد الاشتراكي وعضوية مجلس الشعب وعضوية مجالس إدارات الشركات العامة. طبقت نسبة 50% من العمال والفلاحين علي هذه التشكيلات كنوع من التمييز الايجابي لتمثيل العمال والفلاحين الفقراء الذين حرموا من المشاركة السياسية قبل الثورة.
لكن بعد سنوات من التطبيق أصبحت هذه الصيغة مجرد شكل بلا مضمون فأصبح أستاذ الجامعة والمهندس والضابط عامل أو فلاح.ورغم تراجع حكم الرئيس السادات ثم الرئيس مبارك عن كل المنجزات الاقتصادية والاجتماعية للناصرية إلا أنهم تمسكوا ببقاء نسبة العمال والفلاحين لأنها ضمانة لتمرير رجالهم الموالين ورغم تعديل توجهات النظام والسماح بتشكيل الأحزاب إلا انه ظل متمسك بنسبة تمثيل العمال والفلاحين الغير مجدية في ظل التعددية وإتاحة الفرص المتساوية للتمثيل السياسي أمام الجميع لأنها أصبحت وسيلة غير ديمقراطية لفرض الموالين وعائق أمام التطور الديمقراطي.
نفس الأسلوب الخاطئ في التمييز الايجابي تم تطبيقه علي الأقباط وخصصت لهم وزارات غير رئيسية مثل المواصلات والعلاقات الدولية والبيئة.ولم نجد يوماًُ وزيراً للدفاع أو للداخلية أو الخارجية أو العدل قبطي ولم نجد محافظ أو رئيس هيئة حكومية كبري كالجهاز المركزي للمحاسبات قبطي.وأخيرا حين أرادت الحكومة مواجهة الدعاوي بتوجهاتها الطائفية قررت تخصيص محافظ قنا للأقباط وكأنها المحافظة الوحيدة التي تضم أقباط أو أن نسبة الأقباط في مصر هي 1 إلي 28 من السكان .وللأسف يرحب العديد من الأقباط المصريين بموضوع التمييز الايجابي وتخصيص كوته لهم تعمق تقسيم الوطن.

الديمقراطية الأمريكية ليست بالمثل الأعلى
لقد وصل بارك أوباما الكيني الأصل لرئاسة أكبر دولة في العالم لأنها تطبق مستوي محدد من الديمقراطية ،ورغم أنها ليست الديمقراطية المثالية حيث يحول الفقر بين الفقراء ومشاركتهم الايجابية في العملية الديمقراطية.
فالولايات المتحدة رغم أن البعض يظنها واحة الديمقراطية إلا إنها في الواقع ليست كذلك حيث أوضح التقرير السنوي لمؤسسة الإحصاء الأمريكية عن مستويات الدخل والفقر وخدمات التأمين الصحي في الولايات المتحدة ارتفاع عدد الفقراء من 36.5 مليون فرد عام 2006 إلى 37.3 مليون في 2007. وان نحو 46 مليون فرد يفتقرون إلى خدمات التأمين الصحي أي 16 ٪ من السكان غير مؤمنين بأي نوع من التأمين الصحي ، بزيادة قدرها 5.4 مليون عن عام 2001.
كما جاء تقرير أصدرته وزارة العدل الأمريكية ليعلن أن هناك ما يقرب من 2.2 مليون نزيل بسجون الولايات والسجون الفيدرالية أو سجون البلاد والمدن، وقد وصل عدد الأحداث في الإصلاحيات بمن فيهم أولئك المعلقة عقوباتهم أو المطلق سراحهم بكفالة، إلى أكثر من سبعة ملايين رجل وامرأة، وان نحو 3 في المائة من الأحداث الأمريكيين أو واحد من كل 32 حدثا كانوا في سجون البلاد إما بعقوبة معلقة أو بكفالة. لتصبح الولايات المتحدة اكبر دولة تضم سجناء في العالم.
كما توجد أعداد كبيرة من الأطفال المشردين في الولايات المتحدة. فحسب تقرير للصحيفة المكسيكية اليونيفرسال يوم 10 ابريل 2006 , فان قرابة 1.3 مليون طفل أمريكي كانوا مشردين أو هربوا من البيوت , هاموا في الشوارع . كما ذكرت الاسوشيتد برس يوم 10 ابريل 2006 , أن 34 % فقط من الذين هم في سن العمل وذوي إعاقات كان لديهم وظائف كاملة الدوام أو نصف دوام في العقدين الماضيين. هذه هي حرية السوق والديمقراطية الأمريكية. وإذا استخدمنا نتائج تقرير التنمية البشرية لعام 2008 للتعرف علي تولي المرأة للمناصب الوزارية وعضوية البرلمان بمجلسيه في بعض الدول نجد التالي:

الدولة نسبة السيدات الوزراء % نسبة السيدات في عضوية البرلمان %
الولايات المتحدة 14.3 16
ايسلندا 27.3 31.7
ماليزيا 9.1 25.7
النرويج 44.4 37.9
كندا 23.1 35
عمان 10 15.5
مصر 5.9 6.8
السويد 52.4 47.3
هولندا 36 34.7
اسبانيا 50 23.2
البحرين 8.7 25
إسرائيل 16.7 14.2

المصدر :برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ـ تقرير التنمية البشرية 2007/2008.

رغم كل الأفلام الأمريكية التي تحاول تصوير أمريكا واحة الديمقراطية فإن وضع النساء السياسي بها اضعف بكثير من وضع النساء في النرويج والسويد واسبانيا.والعجيب أن الولايات المتحدة تدعم النظم المتحيزة ضد النساء ثم تعود لتمول منظمات للدفاع عن حقوق النساء؟!!. أليس من الأفضل لو كانت من البداية تضع قيود علي التعامل مع الدول التي تسئ التعامل مع النساء!!!!

المساواة والمواطنة هي الحل
يعد التمييز الايجابي نوع من القيد علي التطور الديمقراطي في مصر ورغم انه يمثل فرصة أفضل لبعض الفئات المحرومة من المشاركة علي المدي القصير إلا أنه يمثل ظلم وحرمان من الحقوق المتساوية علي المدي الطويل وهو يعيق التطور الديمقراطي ولم نسمع عن بلد استخدمت التمييز الايجابي ثم رفعته بعد فترة ولكن لننظر كيف أدت هذه النظم للكوارث في لبنان رغم كل الحريات المتوفرة بها وكيف فتت وحدة العراق وما يتم في السودان والصومال ألا نتعظ من كل ما يحدث حولنا .
إن أساس الديمقراطية هو المواطنة المتساوية بين الجميع بغض النظر عن الانتماء الديني أو الجنسي أو العرقي أو الطبقي.ذلك هو ما أكدته مختلف المواثيق الدولية منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وحتى الآن.ولا يمكن الحديث عن حريات للنساء في ظل استبداد سياسي يمارس ضد الجميع وفي ظل فقر يعيش فيه أكثر من نصف سكان مصر.
لذلك فإن الفقر بمعناه الحقيقي ليس مجرد فقر الدخل، وليس المفاهيم التي يروج لها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي صناع الفقر في العالم بأنه من يقل دخله عن دولار أو دولارين في اليوم.لكن الفقر بمعناه الأشمل الذي بلوره البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والاقتصادي الانجليزي الهندي الأصل أمارتيا صن الحاصل علي جائزة نوبل أحد صناع تقرير التنمية البشرية والذي ربط الفقر بالحرمان البشري والقدرة علي المشاركة المتساوية.فلا حرية لقرار الفقير.أو كما يقول البعض أن الفقير عبد أكل عيشه وطالما ظل كذلك تصبح الديمقراطية شكلية ولا توجد فرص للتطور الديمقراطي.لذلك يرتبط تحقيق الديمقراطية الحقيقية بالتحرر من الفقر.
ومن الطبيعي أن يبيع الفقير صوته لمن يدفع له ، ولا ينتخب من يدافع عن مصالحه طالما لن يعطيه مال مقابل صوته، ويؤيد سياسات إفقاره وحرمانه لأنه لا يملك إرادته الحرة ولا يملك حرية اختيار حقيقية ويعزف عن المشاركة السياسية بدليل أن انتخابات البرلمان لا تزيد نسب التصويت بها عن 12% في القاهرة و23% في المحافظات أي أن أكثر من 75% ممن لهم حق التصويت ممتنعين عن المشاركة. بل ويبيع الفقير أجزاء من جسده كقطع غيار بشرية ليعيش فعن أي ديمقراطية نتحدث!!! ولأي تمييز يصفق البعض.
يصعب تحقيق الديمقراطية في ظل تولي الوظائف العامة للمحاسيب والفاسدين وإبعاد ذوي الكفاءة والمجتهدين، كما يصعب تحقيق الديمقراطية في ظل تدخل أجهزة الأمن في التعيين من أئمة المساجد والمعيدين بالجامعات وترقيات موظفي الدولة حتي تعينات رجال السلك الدبلوماسي .تعد الديمقراطية مقيدة في ظل إبعاد الفقراء عن الالتحاق بوزارة الخارجية وكلية الشرطة والكليات العسكرية.الديمقراطية تعني المساواة التامة بين الجميع علي أساس المواطنة وحق الجميع في المشاركة المتساوية.والإرادة الحرة والقرار المستقل فهل يملك الفقراء هذا الترف؟!!!
يصعب الحديث عن الديمقراطية في وطن يريدون تقسيمه بين المسلمين والأقباط وبين السنة والشيعة. وفي ظل مظاهرات المسلمين ضد دور العبادة للأقباط ودون حريتهم في إقامة وممارسة شعائرهم الدينية وفي ظل مظاهرات الأقباط المطالبة بحق العبادة كأبسط حق من حقوق البشر. الديمقراطية مقيدة في وطن يحرم البهائيين من الحصول علي بطاقة شخصية وينفي عنهم صفة المواطنة.الديمقراطية الحالية هي ديمقراطية أحمد عز ورجال المال والأعمال وليست ديمقراطية الفقراء والجموع.
إن الديمقراطية ليست حرية الصحافة فقط وليست التعددية الحزبية فقط وليست تداول السلطة فقط ولكنها بنيان متكامل مترابط الحلقات.يتم التعيين وتولي الوظائف العامة فيه علي أساس الكفاءة وليس علي أساس الانتماء الديني أو الاجتماعي أو لحزبي . الديمقراطية هي نظام متكامل وهو حرية اختيار ومساواة كاملة .
إن التمييز الايجابي يَحول دون التطور الديمقراطي الحقيقي ورغم انه يصل بأقباط لعضوية بعض المجالس الشعبية أوالمناصب العامة ولكنه مجرد تمثيل طائفي وتمثيل شكلي لأنه يحرم آخرين من هذه الفرصة لأنه قد تكون كفاءة الأقباط في بعض الوظائف أكثر من حصتهم بذلك يصبح التمييز نوع من القيد الديمقراطي وغياب للمساواة والمواطنة. نفس الوضع ينطبق علي المعوقين الذين حدد لهم القانون 5% في وظائف الحكومة ولم يطبق ذلك علي القطاع الخاص رغم انه الأكثر توظيفاً. في الولايات المتحدة وصل فرانكلين روزفلت المعاق حركياً لرئاسة الدولة وظل في الرئاسة لأربع دورات،وفي عهد ما قبل يوليو وصل الدكتور طه حسين المعاق بصرياً لوزارة التعليم ولكن إلي أين وصل التمييز الايجابي بحقوق المعاقين في مصر الآن ؟!!!

المرأة والتمييز الايجابي
منذ الناصرية تم تخصيص وزارة الشئون الاجتماعية للمرأة منذ الدكتورة حكمت أبو زيد وحتي تم إلغاء الوزارة وتفتيتها وفي الحقبة المباركية خصصت وزارة التعاون الدولي وأخيراً القوي العاملة للمرأة رغم أن النساء يمثلون أكثر من نصف سكان مصر ويعتبر البعض ذلك انجاز.
كما يسمح بتولي المرأة لرئاسة بعض الأجهزة البحثية مثل معهد التخطيط القومي أو المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية وفقط ولكنها لازالت محرومة من تولي وظائف النيابة العامة والقضاء باعتبارها ناقصة الأهلية لوظائف القضاء بينما تهلل الحكومة لوجود مأذونة سيدة وسط ألاف الرجال، ولم يزيد عدد الوزيرات في مصر عن 2 أو 3 ، كما لم نعاصر سيدة في منصب محافظ رغم التهليل الإعلامي لتولي سيدة وظيفة عمدة من أجل الشو الإعلامي فهي سيدة وقبطية وبذلك توضع عينة لتؤكد المساواة واهتمام النظام الحاكم بالنساء وتولي سيدة من بين 35 مليون سيدة أو أكثر لوظيفة عمدة!!!!
إن القضية لا تخص المرأة وحدها أو الديمقراطية فقط ولكنها قضية النظام السياسي كله ولن تحل بوجود 56 سيدة من الحزب الوطني في البرلمان.وفي السابق كان هناك تواجد للنساء في مجلس الشعب فهل ساهم في حل بعض مشاكل النساء؟! كما قامت الدولة بتكوين جهاز قومي للمرأة.هل ساهم هذا الجهاز في مواجهة بعض المشاكل الحقيقية التي تواجه النساء في مصر؟!

الظلم والحرمان
نعتمد علي الأرقام الحكومية المعلنة لأنها أصدق من أي إدعاءات فمن بين أكثر من 11 ألف وظيفة قيادية في الجهاز الحكومي تشغل السيدات 1804 وظيفة قيادية فقط منهم 3 سيدات بدرجة وزير و 39 رئيسة قطاع و383 وكيلة وزارة و 1378 مدير عام في جهاز إداري تجاوز عدد موظفيه 5.5 مليون منهم أكثر من 1.5 مليون سيدة.ورغم أن السيدات نصف المجتمع وفق بيانات تعداد السكان لعام 2006 حيث بلغ عدد الإناث 35.2 مليون يمثلون 49% من السكان ولكنهم لا يمثلون سوي 22.9% فقط من قوة العمل كما أن معدل البطالة بين النساء يبلغ 25.8% بينما المعدل الاجمالي لم يتجاوز 9.3% عام 2006 وفقاً لتقرير التنمية البشرية المصري لعام 2008 . كما ارتفعت نسبة السيدات المعيلة والتي يقدر الجهاز القومي للمرأة أنها تتراوح بين 16% و22% وتصل في دراسات أخري إلي 25% . كما تبلغ نسبة المقيدات في الجداول الانتخابية 38.4% من جملة المقيدين.
يذكر تقرير التنمية البشرية المصري لعام 2008 عدة حقائق منها:
ـ تبلغ نسبة الأمية بين النساء 42.7% ، كما أن 30% من النساء لا يلتحقوا بالتعليم الثانوي .
ـ نسبة الإناث المقيدات بالتعليم الجامعية 37.5% بينما تمثل الإناث خريجات الجامعة 7% من الفئة العمرية لسن الجامعات.أي أن 93% من الإناث في سن الجامعة لا يلتحقوا بالتعليم الجامعي.
ـ تمثل النساء 24.2% من خريجي الكليات والمعاهد العلمية .كما تمثل النساء 30.4% فقط من أصحاب المهن العلمية والفنية.
هذا عن تعليم النساء من واقع تقرير التنمية البشرية المصري .
أما عن فقر النساء فقد أعدت الدكتور أنعام عبد الجواد دراسة عرضت علي مؤتمر الفقر الذي نظمه المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بعنوان " المرأة الريفية الفقيرة الخصائص وفرص العمل " واعدت دراسة بالعينة توصلت للنتائج التالية :
ـ النساء بين 15 ـ 65 سنة 52% منهم يقل دخلهم الشهري علي 300 جنيه ، 67.2% منهم أميات و78.7% لم يدخلوا مدرسة.
ـ اتضح أن 75.4% من مفردات العينة يعملن بالقطاع الخاص و74.8% يعملون بدون عقد عمل.حتى الحكومة لا ترحم النساء حيث أن 8.2% من العينة يعلمون في الحكومة بعقود مؤقته.
ـ أوضحت 43.7% من العينة أنهن لا يحصلوا علي فترات راحة أثناء العمل، 38.2% لا يحصلوا علي أي أجازات من العمل .
ـ تشكوا 33.3% من النساء أنهم لايحصلون علي أجورهن بشكل منتظم و81.5% تصرف دخلها بالكامل داخل البيت.
هذه بعض نتائج دراسة الدكتورة أنعام ولكن توجد دراسة أحدث وأكثر أهمية أعدتها مؤسسة المرأة الجديدة بإشراف الدكتورة هالة شكرالله بعنوان " النساء في سوق العمل " وهي جهد بحثي متميز لم تجد الاهتمام الإعلامي الكافي بالنتائج التي توصلت إليها، كشكل آخر من أشكال التمييز!!!وإذا كان هذا هو التواجد الاقتصادي للمرأة . كيف سيكون دورها السياسي؟!
إن المشاركة السياسية للمرأة لن تأتي بقرار ومنحه من أعلي ما لم يحدث تغيير في أوضاع المرأة في المجتمع الذي تعاني 43% من النساء فيه من الأمية وفق تقرير التنمية البشرية المصري لعام 2008. ثم كيف يمكن تفعيل المشاركة السياسية للمرأة وتواجدها في المحليات لم يتجاوز 1.8% وعضويتها رمزية في مجلسي الشعب والشورى.الكوته لن تحل المشكلة لأن الجذور أعمق واكبر من القرار الرئاسي . كما أن المجتمع متأثر بفتاوي إرضاع الكبير وعدم خروج المرأة للعمل وسيل الفتاوى السوداء للفضائيات عن وضعية المرأة.
لو تأملنا تمثيل النساء في مختلف الأحزاب السياسية سنجد انه تمثيل رمزي لن يُحل بقرار رئاسي يفرض 56 سيدة علي البرلمان سيكونون غالباً من عضوات الحزب الوطني.فالأحزاب السياسية تحتاج لمواجهة من حيث رؤيتها للمرأة ودورها ومشاركتها في مختلف مستويات القيادة الحزبية.كما أن النساء أنفسهن مطالبات بمشاركة أكبر ودور أنشط وأوسع حتى يمكن الحديث عن حقوقهم المهدرة والمقيدة.
وإذا تأملنا حجم عضوية المرأة في النقابات المهنية من واقع دراسة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نجد أنها تشكل 55% من عضوية نقابة الاجتماعيين و42% من نقابة التجاريين و 34.5% من نقابة الأطباء و48% من الصيادلة و44.6% من العلاج الطبيعي و24% من المهن الزراعية و14% من المهندسين و5% من التطبيقيين و 26.2% من الصحفيين.هل يعكس تشكيل مجالس إدارة النقابات المهنية هذه الأعداد الكبيرة من السيدات ؟! وهل تشارك السيدات في الانتخابات والجمعيات العمومية للنقابات؟!
لقد خرج الرئيس مبارك ليعلن عن تطور ديمقراطي جديد يسمح بتمثيل نسبي للنساء كتطوير ديمقراطي رغم الإبقاء علي قانون ممارسة الحقوق السياسية الصادر سنة 1956 بكل عيوبه ومنها بطاقات الانتخاب والجداول الانتخابية رغم وجود بطاقات الرقم القومي .وللأسف هللت بعض السيدات من مختلف الاتجاهات السياسية لهذه الخطوة واعتبرتها تطوير رغم أنها تأبيد لوضع التخلف وغياب المساواة .وان مبدأ بصلة المحب خروف تنطبق علي أساليب الضيافة ولكنها لا تصلح لأساليب الحكم.
وإذا كان القرار الرئاسي ينطبق علي البرلمان فهل سيمتد للمحليات والنقابات ؟! وهل بذلك ستزيد الفعالية السياسية للنساء؟!
إن لدينا سيدات مثل الأستاذة جميلة إسماعيل في حزب الغد والأستاذة فريدة النقاش رئيسة تحرير جريدة الأهالي وقد تولوا هذه المناصب بحكم كفائتهم وعطائهم وليس بوصفهم نساء ذلك هو الفرق.
إن النساء الوحيدات القادرات علي انتزاع حقوقهن هم عاملات المنصورة اسبانيا و غزل المحلة وموظفات الضرائب العقارية ، مصر بها نماذج ملهمة مثل عائشة أبو صمادة في الحناوي للدخان وأمل السعيد ووداد الدمرداش من غزل المحلة وشهيدة سراندوا نفيسة المراكبي فهولاء فقط هم القادرين علي دعم المشاركة السياسية للنساء . إن الحكومة لا تريد أن يرتفع صوت هؤلاء النساء لأنهم أمل الأمة في التطور الديمقراطي بمعناه الشعبي الحقيقي وليس المزيف.
إن السلطة التي تحرشت بنوال علي والصحفيات يوم الاستفتاء والتي تحرشت بعاملات المحلة واستخدمت البلطجية ضد جميلة إسماعيل لا يمكن أن تسمح بتمثيل ديمقراطي يأتي بسيدات يحملن هموم النساء الحقيقية إلي المجالس النيابية. ولكنهم يحتاجون إلي توابع أشد عداء لحقوق المرأة من أي رجل ، يأتون بهم علي قوائم الحُزن الوطني ليفرضوهم علينا ويخرجون بهم للتصوير أمام عدسات وكالات الأنباء في المناسبات المختلفة.
إن تولي النساء للمناصب القيادية كوزيرات ومحافظات ورؤساء لجامعات وهيئات سيادية يعني المساواة في فرص التعيين والترقي ، ونفس الوضع ينطبق علي الأقباط. فالتمييز الايجابي قد يكون أفضل من الحرمان الحالي ولكنه ليس العلاج للمشكلة الحقيقية التي نواجهها فالديمقراطية والمساواة التامة والمواطنة هي الحل.وليس بالتمييز وحده ننال حقوقنا وتتحقق الديمقراطية.وعاش كفاح سيدات مصر من أجل انتزاع حقوقهم السليبة.

إلهامي الميرغني
eme55@hotmail.com
28/11/2008

الأحد، 23 نوفمبر 2008

مصر للبيع

نظام الخصخصة الجديد
الموضوع بسيط جدا
الحكومة عندها 153 شركة عايزة تبيعهم ومش لاقية حد يشتريهم لأنها شركات خسرانة
وعندها شوية اصول تانية زي النيل وقناة السويس مكسوفة تبيعهم
أوم أيه . فكرت في فكرة قالتها قبل كدة وهي انها تبيعها للعمال اللي شغالين فيها بس البيعة كبيرة وعدد العمال مش هينفع
لذلك قررت ايه
اررت انها هتدي كل واحد صك علي قفاه الأول قالوا ب 2000 جنيه ورجع ابن محي الدين في العاشرة مساءا قال لأ دول كام ميه يعني 700 او800 .
وهما معتمدين علي اننا من حزب لو بيت بوك خرب ميل خدلك قالب .
وان جالك الطوفان حط اولادك تحت رجليك
الي اخر امثلة الندالة وقلة الاصل.
المشكلة ان الواحد ممكن يبقي معاه سهم ب 800 جنيه مثلا بس ميحضرش الجمعية العمومية لأن حضورها يحتاج ملكية نسبة من الأسهم .
والغلابة مش هيعملوا توكيلات لصابر الطيب علشان البيع.
ولو راح بيه البورصة يبيعه هيبعتوه القهوة بتاعت البورصة يشرب عناب او ليمون أو يبله ويشرب ميته.
قوم ايه بعد فترة يكتشف المقلب وبعد ما افتكر ان مشكلة هدوم الشتاء هتتحل مش هيلاقي حل.
وبعد ما مني نفسه باكلة كباب واسابيع من الظفر مش لاقي حق النشوق.
لذلك هيقول يا اولاد الكلاب انا اتصكيت بعد ما حبيت.
قوم ايه يجي الحاج عباس بن فرناس يقوله تجيبه وتخدلك مائتين جنيه يقوله يابلاش دي ورقة ولا تسوي خدها ان شاالله بميه.
يخدها الحاج عباس ويديله المبلغ ويرجع للشركة اللي مسرحاه وعندها في كل حي وكل مدينة اوقرية عباسيين يلموا الصكوك.
ويقولوا مين يشتري .يجي الخواجة ايزاك اللي هو دفيد شارل سمحون ويشتري السهم ب 500 وتبقي شركات العباسيين كسبت 300 جنيه ويا بخت من نفع واستنفع.
وفي نفس الوقت الخواجة ايزاك دفع 500 في سهم يسوي 5000 وفجأة نصحي من النوم نلاقي منتجات جديدة باسعار نار في السوق ونشتري وتتبخر الفلوس من غير ما نستفيد شئ .
وتبقي الحكومة خلصت من كَلوُه القطاع العام والدنيا بقت كلها مخصخصة ومتمصمصة.
قوم نكتشف اننا ركبنا الهوا .
بيع شركات الاسمنت محلش المشكلة وسعر الأسمنت ولع ، وبيع الحديد خلي شخص واحد محتكر الحديد ولما حب شخص تاني يجيب حديد لبسوه في سوزان تميم وفضل الحديد في ايد امين الحزب ابو فكر جديد.
وزغرتي يا منحرفة
طبعا الكلام واضح مش كدة والا ايه


إلهامي الميرغني

الخميس، 8 مايو 2008

ارتفاع الأسعار إلي أين؟!

ارتفاع الأسعار إلي أين؟!

الأكل والشرْبْ في أيدْ اللومَنجِيٌه
والطماعين اللي غلوا الملح والمَيٌهْ
والغشاشين اللي فاقوا ع الحرامية
الشاي بالمفتشر مخلوط ملوخية
والبن فيه الشعير تسعين في الميه
والعيش برملة وطينة يا مناخليه
واللحم معروض بدون أختام رسمية
والميه هيه اللبن ولا اللبن هيه
أفاعي متَسيبَةْ من غير رفاعية
ودنيا مترتبة ترتيب فلاتيه
بيرم التونسي

لما طال أمد هذا البلاء المبين ، وحل فيه بالخلق أنواع العذاب المهين، ظن كثير من الناس أن هذه المحن لم يكن فيما مضي مثلها ولا مر في زمن شبهها، وتجاوزوا الحد فقالوا لا يمكن زوالها ولا يكون أبداً عن الحق انفصالها، وذلك أنهم قوم لا يفقهون ، وبأسباب الحوادث جاهلون، ومع العوائد واقفون ،ومن روح الله آيسون. ومن تأمل هذا الحادث من بدايته إلي نهايته ، وعرفه من أوله إلي غايته ، علم إن ما بالناس سوي سوء تدبير الزعماء والحكام ، وغفلتهم عن النظر في مصالح العباد.
تقي الدين أحمد بن علي المقريزي
1365 ـ 1441

لكي نناقش الغلاء الذي نعيشه توجد عدة أسئلة مطروحة للمناقشة منها:
ـ هل الغلاء قدر محتم لا يمكن الفكاك منه؟
ـ هل الغلاء ظاهرة عالمية ولا يمكن مواجهته محلياً؟
ـ هل يمكن وضع سياسات لمكافحة الغلاء؟

منذ أكثر من 600 سنة توصل العلامة تقي الدين المقريزي إلي أن الغلاء من فعل البشر وليس مجرد ابتلاء من الله وأن قوانين السوق والإفراط في إصدار النقود هو أحد أساب شدة الغلاء . ووصف المقريزي الشدة المستنصرية وأوضاع المجاعة التي حدثت في مصر في تلك الفترة. لذلك سأعرض في عجالة لمحورين رئيسيين هما:ما هي أساب الغلاء ؟ ، وما هي أساليب مواجهة الغلاء؟

أسباب الغلاء
توجد عدة أسباب للغلاء الذي تعيشه مصر منذ سنوات والذي اشتدت وطأته في السنوات الأخيرة حتى أصبح أكثر من نصف المصريين يعيشون تحت خط الفقر حيث يوجد خلل هيكلي يتمثل فيما يلي :
1 ـ خلل هيكل الاقتصاد المصري وتقلص دور قطاعي الزراعة والصناعة التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي لصالح قطاع الخدمات مثل النقل والتخزين والاتصالات والأنشطة العقارية. ويقدر الناتج المحلي الإجمالي عام 2005/2006 بحوالي 426.1 مليار جنيه 56% منها تأتي من قطاع الخدمات.كما انخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي من 9.2% عام 1976 إلي 4.4% عام 2003/2004.
ترتب علي ذلك تزايد الاعتماد علي الخارج لتوفير المنتجات الزراعية والصناعية.
2 ـ التحول الاقتصادي من القطاع العام إلي القطاع الخاص بعد أن كان القطاع العام يشكل 85% من الاستثمارات الإجمالية عام 1975 انخفض إلي 65% عام 1995 ثم وصل إلي 57.3% عام 2003/2004 ، بالمقابل ارتفعت مساهمات القطاع الخاص من 15% إلي 35% ثم وصلت 42.7% . تواكب مع ذلك إلغاء التسعيرة الجبرية وإطلاق حرية السوق بحيث يحدد القطاع الخاص الأسعار دون تدخل من الدولة مع منحه المزيد من الإعفاءات الضريبية والجمركية وتجميد البطاقات التموينية والمجمعات الاستهلاكية.
النتيجة انفلات الأسعار دون رقابة من الدولة وظهور الاحتكارات في المواد الغذائية ومواد البناء.
3 ـ زيادة الاعتماد علي الخارج لاستيراد السلع الغذائية والاستهلاكية بما انعكس علي عجز الميزان التجاري الذي ارتفع من 2 مليار دولار عام 1977 إلي 8.6 مليار دولار عام 1997 ثم وصل إلي 10.4 مليار دولار عام 2005. كما تمثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي 50% من الواردات المصرية عام 2004 .وتشكل واردات المواد الغذائية حوالي 23% من إجمالي الواردات المصرية.
يؤدي ذلك إلي خضوع مصر للشروط التي تحددها هذه الدول وانعكاس قيمة الدولار واليورو علي تكلفة الواردات المصرية والحديث عما يعرف بالغلاء العالمي.
4 ـ عجز الموازنة العامة وزيادة حجم الديون المحلية والأجنبية حيث ارتفع عجز الموازنة من 1.4 مليار جنيه عام 1975 إلي 2.5 مليار عام 1995 ثم 12.8 مليار عام 2000 ووصل إلي 58.7 مليار جنيه في موازنة العام الحالي 2007/2008 . تدبر الحكومة العجز بالاقتراض من الخارج والذي بلغ 29 مليار دولار عام 2005 أي حوالي 161 مليار جنيه تدفع الحكومة أكثر من 12 مليار جنيه لسداد الفوائد والأقساط ، كما ارتفعت الديون المحلية حتى وصلت إلي 350 مليار جنيه. كما ارتفع حجم النقد المصدر من 35.6 مليار جنيه عام 1999 إلي 67.7 مليار جنيه عام 2005 .
نتيجة ذلك استولت الحكومة علي 270 مليار جنيه من أموال المعاشات وغرقت في الديون المحلية والأجنبية ، وتوسعت في الإصدار النقدي بدون إنتاج مقابل مما يعني ضخ ورق بنكنوت في السوق بما يساهم في اشتعال الأسعار. وراحت تبحث عن تخفيض قيمة الدعم الغذائي بما يؤدي للمزيد من ارتفاع الأسعار.

تتفاعل هذه العوامل معاً لتزيد معدلات التضخم وارتفاع الأسعار بحيث أصبح الغلاء ظاهرة يعاني منها غالبية المجتمع ، كما يلعب التضخم دور في إعادة توزيع الدخل لصالح الفئات الأعلى بينما تتدهور أحوال الملايين إلي تحت خط الفقر.كما يتضح أن الغلاء ليس في غالبيته مستورد بل يعود بشكل رئيسي لاختلالات هيكلية وأسلوب إدارة اقتصادية يراعي مصالح رجال الأعمال والرأسمالية المتوحشة والاحتكارات العالمية دون النظر لتأثير ذلك علي الفقراء.

حجم الغلاء
تطور الغلاء بشكل كبير نتيجة الأسباب التي سبق توضيحها ويوضح الشكل و الجدول التاليين تطور معدلات التضخم في مصر.
شهدت مصر موجة من الغلاء استمرت من نهاية السبعينات حتى مطلع الثمانينات وبلغت اعلي معدلاتها عام 1980 واستمرت بعد ذلك طوال التسعينات تم انخفضت إلي أقل من 10% حتى عام 2002 حيث بدأ الارتفاع الذي استمر حتى الآن تواكب ذلك مع تخفيض قيمة الجنيه المصري عام 2003 والمزيد من تحرير التجارة الداخلية والخارجية وظهور الاحتكارات ، ثم إلغاء وزارة التموين .

كما شهدت هذه الفترة تجميد البطاقات التموينية وعدم إضافة المواليد الجدد وتقليص عدد السلع المربوطة علي البطاقات حتى عام 2003 عندما اضطرت الحكومة لزيادة عدد السلع المربوطة علي البطاقات بعد رفع سعر صرف الدولار الأمريكي. كما أن حصار المجمعات الاستهلاكية والتعاونيات الاستهلاكية والجمعيات الفئوية انعكس علي ارتفاع الأسعار .إضافة إلي الخصخصة وبيع شركات القطاع العام وإطلاق أسعار المحاصيل الزراعية والاستيراد بما أدي للمزيد من ارتفاع الأسعار.

يوجه الفقراء من عمال وفلاحين وموظفين ومهنيين معظم دخلهم للإنفاق علي الطعام والشراب والذي يمثل 80% من إنفاق الأسر المصرية.

لقد شهد عام 2008 تفجر أزمة الغلاء بشكل قاسي وطبقاً للبيانات الحكومية التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإنه بين شهري يناير وإبريل عام 2008 بلغ معدل التضخم في مصر 15.8% منها 17.3% في المدن و17.6% في الريف.

ارتفعت أسعار الخبز والحبوب 48.1% وأسعار الخضروات والفواكه 20% وأسعار زيوت الطعام 45.2%. هذا وفق بيانات الحكومة المعلنة وينعكس ذلك بانخفاض الأجور الحقيقية .

لو حاولنا معرفة اثر الغلاء علي دخل العامل نفترض المثال التالي :
إذا كان أجر العامل 100 جنيه شهرياً عام 2000 وحصل علي علاوة سنوية 10% لغلاء المعيشة فإن أجره وصل عام 2008 إلي 214 جنيه أي أكثر من ضعف مرتبه النقدي عام 2000 .

وإذا كان سعر الفرخة عام 2000 حوالي 5 جنيه فإن مرتبه يعادل 20 فرخه ، ولكن مع ارتفاع أجره إلي 214 جنيه ارتفع سعر الفراخ إلي 15 جنيه للفرخة وبذلك أصبح مرتبه لا يشتري سوي 14 فرخة فقط وبذلك فإن دخله الحقيقي انخفض رغم الزيادة التي حصل عليها.نفس الشئ ينطبق علي سعر زجاجة الزيت الذي كان في حدود 3 جنيه وارتفع إلي 11 جنيه فإن المرتب كان بعادل 33 زجاجة زيت بينما مضاعفة المرتب حدث معها مضاعفة سعر الزيت فانخفضت قدرته علي شراء الزيت إلي 19 زجاجة فقط .هذا بالقياس علي سلعة واحدة بينما لو تم القياس علي حزمة من السلع سنجد أن أوضاعنا تدهورت كثيراً.كما أن أسعار الخدمات في ظل الخصخصة وبيع المرافق العامة وارتفاع أسعار المياه والكهرباء وانخفاض الإنفاق علي التعليم والصحة أدي لمزيد من تدهور مستوي المعيشة.

إذا أضفنا لذلك صعوبة الحصول علي غالبية السلع الضرورية ، لقد كان الفقراء يتحايلون علي الحياة من خلال أكلات شعبية مثل الكشري ولكن مع ارتفاع أسعار الأرز والمكرونة والعدس والزيت أصبح طبق الكشري وجبة مكلفة ، كما كان البعض يعتمد علي أكل الفول والبطاطس والباذنجان ولكن مع ارتفاع الأسعار وخاصة الزيت أصبحت هذه الأكلات مكلفة ، لقد امتنعنا عن أكل اللحوم والدواجن والبيض ولكن حتى الفول والباذنجان تحاربنا فيه الحكومة، والخبز نقف له طوابير وعندما نحصل عليه فإما أن يأكل وهو ساخن أو يصبح بعد ساعات غير صالح للاستخدام!!!.

كما أن ارتفاع أسعار بعض السلع يؤدي لارتفاع أسعار عدد كبير من السلع المرتبطة به ، فمثلاً ارتفاع أسعار السولار يؤدي لارتفاع تكاليف النقل ومن ثم ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه الطازجة وارتفاع أسعار المواصلات ، حيث أن ارتفاع سعر الميكروباص 25 قرش نتيجة رفع سعر السولار يعني تخفيض الدخل 15 جنيه شهرياً ، ولو كان لدينا أكثر من فرد من الأسرة يستخدم الميكروباص فإن نسبة انخفاض الدخل سترتفع.

لقد كان جوهر الحركة الاحتجاجية خلال السنوات الأخيرة الاعتداء علي الأجور وتوابعها سواء اجر القطعة أو النصيب من الأرباح أو الحوافز من مصانع النسيج بالمحلة إلي سائقي القطارات ومن عمال الترسانة البحرية بالإسكندرية إلي عمال النقل النهري في إسنا وعلي امتداد مصر وبما يعكس الأهمية المحورية لقضية الأجور والأسعار . لقد عكست التحركات الأخيرة أن أجر القطعة في العديد من الصناعات والمرافق مثل الغزل والنسيج والسكك الحديدية لم تتغير منذ سنوات وتحتاج للتغيير للتواكب والتغيرات التي حدثت في الأسعار ، كما أن المقابل النقدي للوجبة الغذائية لم يطرأ عليه تغيير منذ سنوات فمن غير المنطقي أن تتحمل الطبقة العاملة وحدها تكلفة تحرير الأسواق لتتحول نتائجها إلي المزيد من الأرباح لصالح الحلف الرأسمالي الحاكم وسلطة رجال الأعمال بينما يسقط العمال تحت خط الفقر المترتب علي هذه السياسات.

الطبقة العاملة في مواجهة الغلاء
منذ عرفت مصر الطبقة العاملة وهي تناضل من اجل الأجور ومكافحة الغلاء والحريات النقابية. وبمتابعة تطور الحركة العمالية نجد أن مكافحة الغلاء احتلت مساحة كبيرة من تاريخ عمال مصر منذ إضرابات عمال الكهرباء والغاز ضد شركة " ليبون " الفرنسية في 12 يناير 1920 والذي استمر حتى 16 فبراير غرقت خلالها القاهرة في ظلام دامس وكان من بين مطالب العمال المضربين:أن تضاف علاوة الغلاء إلي الراتب وأن يعطي العمال 30% علاوة غلاء معيشة من جديد علي حساب الماهيات بعد الإضافة ومنح العمال أجازة شهر سنوياً . هذه هي مطالب عمال مصر في العشرينات والتي كانت مقدمة لحركة احتجاجية شملت عمال شركة المياه وكانت شركة فرنسية مطالبين بزيادة الأجور 20% وزيادة علاوة غلاء المعيشة إلي 60% ومنح العمال يوم راحة أسبوعية مدفوع الأجر والعلاج المجاني علي حساب الشركة، وصرف ملابس شغل للعمال.

وعندما أضرب عمال شركة ترام القاهرة طالبوا بعلاوة 20% تضاف للأجر و 20% علاوة غلاء وإنشاء شركة تعاون منزلي للعمال يجمع رأسمالها من أسعار الأسهم والتبرعات والمساعدات وفوائد التأمينات والغرامات، كما طالب عمال كبس القطن بزيادة 50% في الأجور هذا في العشرينات من القرن الماضي .

عندما حدث الكساد الاقتصادي العالمي في نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات شهدت مصر موجة من الاحتجاجات العمالية شملت عمال حليج الأقطان وعمال النقل في ميناء البصل وعمال شركة سيارات ثورنيكروفت وعمال الورش الأميرية مطالبين بزيادة الأجور وزيادة علاوة غلاء المعيشة .

خلال الحرب العالمية الثانية 1939 ـ 1942 قاومت الطبقة العاملة موجة الغلاء التي صاحبت الحرب مما اضطر الحكومة لإعلان التسعير الجبري لبعض السلع في سبتمبر 1939 وتشكيل لجان لمكافحة الغلاء وبدأت بعض الصناعات تقدم وجبات غذائية لعمالها لمواجهة الغلاء ، كما قام عمال المحلة الكبري بإنشاء جمعيات التعاون المنزلي كوسيلة لمكافحة ارتفاع الأسعار وجشع التجار . واضطرت الحكومة في يونيو 1941 إلي تطبيق قواعد بإعانة غلاء المعيشة وإعانة الطوارئ للمستخدمين والعمال في الحكومة وتهربت من تطبيق ذلك علي عمال القطاع الخاص الذين اضربوا في شركات الترام والأمنيبوس. واضطرت الحكومة لمناشدة شركات القطاع الخاص بمنح علاوة غلاء المعيشة لعمالها.

واستمرت التحركات العمالية في مواجهة الغلاء في حلوان في يناير 1975 وفي المحلة في مارس 1975 وفي كل أنحاء مصر في يناير 1977 وعلي مدي السنوات التالية.

إن كفاح الطبقة العاملة في مواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار يمتد بتاريخ الطبقة العاملة وعلي مدي أكثر من تسعين سنة ، ولذلك فنحن ورثة تراث كفاحي ونضالي علينا أن نغترف ونستفيد منه لتطوير حركتنا لمواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار. علينا أن نعرف كيف واجه أجدادنا العظماء مثل هذه الموجات في ظل حكومات إسماعيل صدقي والنقراشي وغيرهم من الأسماء التي تحفل بها مزبلة التاريخ.

برنامجنا لمواجهة الغلاء
لكي نواجه الغلاء علينا أن نعرف أن الحد من الغلاء يحتاج لإصلاح اقتصادي شامل يعتمد علي :
ـ إعادة الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية ( الزراعة والصناعة ) وتطويرها وضخ الاستثمارات اللازمة لتحديثها.
ـ زيادة الاعتماد علي الذات من خلال التكامل العربي وتقليل الاعتماد علي الخارج والاستيراد دون ضوابط.
ـ وقف برنامج الخصخصة وتقييم ما تم بيعه ووضع خطة عاجلة لتطوير وتنمية القطاع العام .
ـ فرض ضرائب تصاعدية علي رجال الأعمال ووضع خطط لمواجهة التهرب الضريبي الذي يقدر بمليارات الجنيهات.
ـ وقف الاعتداء علي الأرض الزراعية واستخدام الأسمدة والمبيدات المسرطنة وإعادة الدورة الزراعية لتغطية الاحتياجات الأساسية.
ـ تشديد العقوبات علي المحتكرين لمختلف السلع الضرورية والمضاربين فيها.
ـ وقف خصخصة المرافق والخدمات العامة التي تضر بمصالح جموع المصريين.
ـ عودة الحكومة لتعلب دور في ضبط الأسعار من خلال :
· الإبقاء علي الدعم العيني بالوضع الحالي والحرص علي عدم تسربه لغير مستحقيه.
· إعادة وزارة التموين والتجارة الداخلية واضطلاعها بدورها في ضبط الأسعار والرقابة علي الأسواق.
· إعادة التسعيرة الجبرية لبعض السلع الأساسية.
· إعادة دعم المجمعات الاستهلاكية ونشرها في المناطق العمالية والريفية لتقديم سلع بأسعار مناسبة.
· فتح باب التسجيل والقيد في البطاقات التموينية لكل المستحقين.
· زيادة عدد وكميات الأصناف المربوطة علي البطاقات التموينية.
· دعم التعاونيات الاستهلاكية والإسكانية والزراعية والحرفية.

إن الغلاء ليس قدر محتم لا فكاك منه ولكنه نتيجة لسؤ تدبير الحكام علي حد تعبير المقريزي ، كما انه بنضال وكفاح العمال وإصرارهم في الدفاع عن أجورهم والمطالبة بحد ادني للأجور لا يقل عن 1200 جنيه وإعادة تدرج المرتبات علي أساس سنوات الخبرة.ورفع الحد الأدنى للمعاشات ومنح أصحاب المعاشات علاوة دورية سنوية بجانب إعانة غلاء المعيشة.

إن القضاء النهائي علي الغلاء يحتاج لتغير السياسات والتوجهات الاقتصادية الحالية وإلي أن يحدث ذلك هناك عدد من المتطلبات اللازمة للحد من الغلاء . يبقي أن وحدة الطبقة العاملة وتوحيد قياداتها هو السبيل الوحيد لمواجهة عدوان الرأسمالية المتوحشة ونحن موحدي الصفوف .
عاش كفاح الطبقة العاملة .

إلهامي الميرغني 7/5/2008

الثلاثاء، 6 مايو 2008

ياحلاوة ياحلاوة ضحكوا علينا بالعلاوة

ياحلاوة ياحلاوة ضحكوا علينا بالعلاوة

يحفل الموروث الشعبي بأمثلة من عينة ( من دقنه وأفتله ) أي خذ من شعر ذقن الشخص لتغزل له ما يريد أو ( من زيته وأدهن قرنه) أي نأخذ من زيت الحيوان لندهن قرنه ليستفيد .هكذا فعلت الحكومة في موضوع العلاوة ورفع أسعار البنزين بحيث يمول محدودي الدخل الزيادة في المرتبات .لذلك أود توضيح ما يلي:
ــ موظفي الحكومة والقطاع العام الذين يستفيدون بالزيادة لا يمثلون سوي 25% من قوة العمل في مصر. ورفع مرتبات بعضهم سيدخلهم في شرائح ضريبية أعلي .
ــ موظفي القطاع الخاص المنظم لا يتجاوز عددهم 5 مليون وغالبيتهم مؤمن عليهم بأجور أقل من أجورهم تسمي الأجور التأمينية ولذلك لن يستفيدوا كثيراً . كما انه لا توجد آلية تلزم القطاع الخاص بتقديم العلاوة.
ــ يوجد حوالي 11 مليون مصري يعلمون بالقطاع الخاص غير المنظم ولن يستفيدوا بأي شكل من الأشكال بل سيضرون من ارتفاع الأسعار بشكل أكبر.
ــ ارتفعت الضرائب علي الدخول من التوظف من 2.8 مليار جنيه عام 2001/2002 إلي 5.1 مليار جنيه عام 2005/2006 وتنمو الضرائب على الدخول من التوظف بمتوسط معدل نمو سنوي يبلغ 15.4% خلال هذه الفترة. كما يتحمل الموظفين ضريبة دمغة علي المرتبات وصلت إلي 1.4 مليار جنيه عام 2005/2006 بعد أن كانت حوالي 627 مليون جنيه عام 2001/2002 .
ــ يتحمل الموظفين والعمال ومحدودي الدخل أنواع أخري من الضرائب مثل الضرائب الغير مباشرة علي السلع والخدمات والتي ارتفعت حصيلتها من حوالي 21 مليار جنيه عام 2001/2002 إلي 32.4 مليار جنيه في موازنة عام 2005/2006 وهي تنمو بمتوسط معدل نمو يبلغ 11.5%.
ـ صدق أو لا تصدق أن ضريبة الثروة العقارية في مصر لا تتجاوز 5 مليون جنيه ، والضرائب المحصلة علي الأراضي في مصر 178.6 مليون جنيه ، والضريبة علي المباني 147.4 مليون جنيه ، والضرائب والرسوم المحصلة علي السيارات 323 مليون جنيه ، وضريبة الملاهي التي تحصل على السينمات والكازينوهات والملاهي الليلية 42.8 مليون جنيه.!!.
ــ رغم كل المشروعات السياحية التي حصلت على مليارات الجنيهات كدعم ، ورغم ما نسمعه عن مليارات الجنيهات التي تحصل كعائدات للسياحة ، كانت المنشآت والفنادق والمطاعم السياحية في جميع محافظات مصر من الساحل الشمالي ومراقيا إلي الغردقة ومرسى علم ومن شرم الشيخ إلي مرسي مطروح كانت تسدد 228.7 مليون جنيه فقط لا غير كضريبة على الخدمة عام 2001/2002 ووصلت في موازنة 2005/2006 إلي مليار جنيه أي أقل من ضريبة الدمغة التي يسددها الموظفين والعمال على أجورهم بل أقل بحوالي 27% من ضرائب الدمغة علي المرتبات.
ــ زيادة أسعار البنزين والسولار ستؤثر علي أسعار النقل بحيث ترتفع تكلفة المواصلات العامة والخاصة ( التاكسي والميكروباص والتوك توك) وتكلفة نقل الخضروات والفاكهة.
ــ زيادة أجرة الميكروباص 25 قرش يعنى نصف جنيه في اليوم أي 11 جنيه في الشهر ولو هناك أثنين من الأبناء يستخدمون المواصلات يعني 22 جنيه أضافية ، وبذلك لو كان دخل هذا المواطن 300 جنيه فإن بند المواصلات فقط يخفض دخله 11% وإذا حاولنا قياس أثر ارتفاع سعر البنزين والسولار علي باقي ضروريات الحياة سنجد الخسائر كبيرة.
ــ أقامت مجموعة " مواطنون ضد الغلاء " دعوي قضائية لإعادة التسعيرة الجبرية حيث قال المستشار محمد الحسيني رئيس محكمة القضاء الإداري للمدعين أثناء نظر دعواهم : «أنا أيضا مواطن مثلكم وأكتوي بنار الأسعار». إذا الكارثة تشمل الجميع والانهيار الاجتماعي مستمر طالما بقي هذا النظام.
ــ من المفارقات المضحكات المبكيات أن احمد عز محتكر الحديد هو رئيس لجنة الخطة والموازنة التي أقرت الزيادات ولكن الموقف الرائع لكل المعارضين في مجلس الشعب وعلي اختلاف انتماءاتهم السياسية حرم النظام من ورقة التوت التي كان يريد أن يغلف بها القرارات .
ــ إن حكومة الرأسمالية المتوحشة وبرلمانها أقروا الزيادات وليموت باقي المصريين .
ــ قدرت الحكومة تكلفة تغطية العلاوة بحوالي 9 إلي 12 مليار جنيه بينما زيادات الأسعار الرسمية ( البنزين والتراخيص والسجائر ) وفرت أكثر من 13 مليار جنيه.

كلما قال الرئيس مبارك وأركان الحكم أنه يضع محدودي الدخل علي جدول أولوياته نجد الخوازيق تتوالي .فرجاء من السيد الرئيس وحزبه وحكومته وبرلمانه لا تهتموا بمحدودي الدخل وطلعونا من دماغكم . ولينا رب أسمه الكريم.

إلهامي الميرغني
6/5/2008

الجمعة، 2 مايو 2008


منظمة التجارة العالمية

انضمت مصر لمنظمة التجارة العالمية وفتحت الأسواق علي البحري ووعدتنا بالرخاء والوفرة ولكننا لم نحصد سوي وصول نصف المصريين لتحت خط الفقر ، واكتواء الجميع بنار الغلاء والبطالة .
يصور لنا ساستنا الانضمام لمنظمة التجارة بأنه قدر لا فكاك منه ، فالمهم عندهم هو تحول مصر إلي جاذب للاستثمارات الملوثة للبيئة وحصولهم علي العمولات المعتبرة دون اي اعتبار لمصالح مصر وجموع المصريين.
لكن المنظمة تتدخل في كل تفاصيل حياتنا .
عندما تحاول مصر نقل مصنع أجريوم الكندي من رأس البر إلي منطقة اخري تعترض كندا وتعتبر ذلك اخلال بفتح مصر علي البحري وفق انظمة التجارة المعولمة.
وعندما تحاول نقابة الممثلين تنظيم عمل الفنانين العرب في مصر يعترض وزير التجارة بان ذلك ضد قواعد منظمة التجارة العالمية .
هكذا يتدخلون في كل شئ ، وسلملي علي السيادة الوطنية ومصلحة مصر ومصالح الفقرار المهم هو ان ننفتح علي البحري او ننفشخ أمام الاستثمارات القادمة.
وماذا كسبنا من وراء ذلك ؟!
السؤال مطروح علي الجميع.

عبدالرحمن خير صباح اليسار


الحاج عب رحمان نائب حزب التجمع وعضو مجلس الشوري ورئيس النقابة العامة للأنتاج الحربي
سبق له اقتحام نقابة الصحفيين علي رأس فرقة بلطجية لمنع المؤتمر الصحفي لدار الخدمات النقابية
وله سجل حافل بالمواقف المخزية
ولكن حزب التجمع مصر علي استمرار عضويته حتي لا يشعر الدكتور رفعت بالوحدة في مجلس الصورة
أخيراً وقف خير في اجتماع عيد العمال ليقول للرئيس مبارك وقال: «نحن عمال مصر، ليس فينا من يخون، ليس فينا من يبيع، قلها يا مبارك مصر وطن للجميع، قلها يا مبارك مصر بلد للجميع»
ولا نعرف أي جميع الذين يتحدث عنهم عب رحمان خير
وهل دور اليسار الآن هو التصفيق والتهليل للرئيس
كل عام واليسار بخير .

عمال مصر لن ينتظروا اليسار


كل الأشياء حواليا ..
بتهزمني ..!!
حتى رفاقي ..
إللي بادُعي إن إني منْهُم ..
واللي بيدٌعوا إنهْم .. مِنٌي.
كله حواليا بيهزمني ..!!
عبد الرحمن الأبنودي

تشهد مصر حركة نهوض عمالي خلال السنوات الأخيرة بحيث يمثل أول مايو هذا العام مناسبة للاحتفال بطعم مختلف ، ولقد كان عمال مصر في طليعة قوي الاحتجاج الاجتماعي والمثل الأعلى للفقراء في مصر فشهدنا احتجاجات ومواجهات فلاحيه ، كما شهدنا احتجاجات من اجل السكن ومن اجل المياه النقية وأخيرا لمواجهة الغلاء.
خاضت الطبقة العاملة المصرية خلال عام 2007 أكثر من 614 احتجاج مها 109 إضراب ، 200 اعتصام ، 263 تجمهر ، 42 مظاهرة .لقد شهد عام 2007 عدداً من الاحتجاجات العمالية التي تمثل علامات فارقة في تاريخ الطبقة العاملة المصرية ومنها إضراب عاملات شركة المنصورة اسبانيا لأكثر من 64 يوم وإضراب موظفي الضرائب العقارية لأكثر من 14 يوم في جميع محافظات مصر واعتصامهم في الشارع أمام وزارة المالية إضافة لإضرابات واعتصامات الموظفين في أكثر من موقع من أجل تثبيت العمالة المؤقتة.

إذا كانت الخصخصة قد مرت خلال المرحلة الأولي دون مقاومة عمالية فإن إضراب عمال غزل شبين الكوم والترسانة البحرية في الإسكندرية وأخيراً اعتصام عمال مصر للألبان ضد سياسة تخسير الشركة كانت ميلاد لمقاومة الخصخصة.كما استمرت المقاومة في الشركات التي تم بيعها مثل عمر أفندي وشركة ايديال التي رفض عمالها بيع ارض مملوكة للعمال وكذلك إضراب عمال دار التعاون.

كما جاءت مظاهرات عمال المحلة ضد الغلاء في 6، 7 إبريل لتؤكد طليعية عمال مصر وإنهم دائماً في المقدمة وهم الطبقة الوحيدة الثورية حتى النهاية.

كما جاءت تحركات المهنيين علي طريق الطبقة العاملة سواء حركة 9 مارس لأساتذة الجامعات ، أو إضراب " حركة أطباء بلا حقوق " من أجل الكادر الخاص ، أو تحركات الأطباء البيطريين والصيادلة وأطباء الأسنان من أجل الكادر الخاص.

وأخيرا فإن مقاومة أهالي دمياط للشركات المتعددة الجنسية وتلوث البيئة من شركة ( اجريوم الكندية ) وتنظيم حركة احتجاج جماهيرية واسعة كلها مؤشرات تؤكد النهوض العمالي وتصاعده خلال الفترة القادمة نتيجة إصرار الرأسمالية التابعة علي سياسيات الإفقار والتجويع والغلاء والبطالة وزيادة وعي العمال والفقراء بحتمية المقاومة الاجتماعية.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه في عيد العمال هو : أين الشيوعيين المصريين من هذه التحركات العمالية ؟ هل يكفي بيان تضامن هنا وجلسة احتفالية هناك ؟!!! لقد كشفت الحركة العمالية عمق الأزمة التي تعيشها الحركة الشيوعية المصرية بجميع فصائلها .
المهم أن عمال مصر لن ينتظروا حتى يفيق البعض من الغيبوبة أو يجد وقتاً للكلام والنقاش . لن ينتظروا وحدة الشيوعيين التي لا تتحقق .. وسيمضون نحو المستقبل وسيبنون حزب جديد سيكون أعظم من كل الأحزاب التي نعرفها ، وسيرفع رايات ماركس ولينين فوق وادي النيل .سيكون حزب العمال الذي سيبنيه العمال من اجل مصر الاشتراكية .

أجمل خصائص الطبقة العاملة إنها لا تنتظر ، فقد أضاعت وقت كثير في انتظار اليسار الذي لم يستيقظ من ثباته بعد.

لازلت باحلم بك يابكرة
لازلت باحلم بالربيع الشمس .. بالثورة
لازلت باحلم بك يا يوم بيسيد الإنسان
وبأقدم الأشعار علي عتابك
أشواك في عين اللي ابتغوا مماتك
وشيعوك للقبر.. بالأحزان.
واطلع علالي مصر في المسا
أسبح لفوق وأعدنا
في كل يوم بنزيد عدد
في كل ليلة بيضوي شباك جديد
نفس جديد
وعروق جديدة بتنتفض في المدد
يسعد مساكم ياصحاب
محمد سيف

الثلاثاء، 11 مارس 2008


هيجي يوم نترحم علي ايام ما كانت البيضة بنصف جنيه
والفرخة بخمستاشر جنيه
وأصبحت اكلت الكشري رفاهية
والبطاطس والبذنجان ترفيه
والعيش الحاف غير صالح للأكل
طيب ناكل ايه؟!!!

الأربعاء، 20 فبراير 2008

رفع الحد الأدنى للأجور فقط .. لن يصلح الأمور


انطلقت قوي السوق وارتفعت الأسعار دون ضوابط ورغم فشل كل ما يسمي السيطرة علي قوي السوق ومنع الاحتكار ، نتيجة بيع شركات القطاع العام وإطلاق يد شركات الاستثمار في تسعير منتجاتها دون ضوابط وزيادة الاعتماد علي الواردات الأمر الذي قفز بسعر زجاجة الزيت من 1.5 جنيه في يناير عام 1981 إلي 9 جنيه في يناير عام 2008 بنسبة 500%، وسعر البيضة من 9 قروش إلي 60 قرش بنسبة 567% وكيلو المكرونة من 80 قرش إلي 3 جنيهات بنسبة 275%. بل أن سعر كيلو الأرز أرتفع ما بين يوليو 2006 ويوليو 2007 بنسبة‏30,5%‏ والفول‏16,5%‏.‏في نفس الوقت ظل الحد الأدنى للأجور ثابت عند 35 جنيه بحكم القانون رقم 53 لسنة 1984 ولم يرتفع حتى الآن؟!!!!

إننا نعاني من سوء الإدارة الاقتصادية وزيادة الاعتماد علي الخارج الأمر الذي وصل بعجز الميزان التجاري إلي 57.1 مليار جنيه عام 2004/2005 بل لقد ارتفعت قيمة الواردات من 105.6 مليار جنيه عام 2003/2004 إلي 133.1 مليار جنيه عام 2004/2005 وبزيادة تبلغ 32% في عام واحد ليزداد تآكل قيمة الأجور النقدية التي نحصل عليها.

لقد جاء تقرير معهد التخطيط القومي لعام 2007 ليؤكد ارتفاع متوسط الأجر الأسمي للعامل من 520 جنيه شهريا في عام 2001/2002 إلي 617.4 جنيه شهرياًَ عام 2004/2005 بينما الأجور الحقيقية أي قدرة الجنيه أجر علي شراء السلع والخدمات قد انخفض من 520 جنيه شهرياً إلي 489.9 جنيه شهرياً خلال نفس الفترة. فالعامل الذي كان مرتبه 520 جنيه منذ 4 سنوات وارتفع إلي 617.4 جنيه في 2004/2005 هي في الحقيقة تساوي 489.9 جنيه بأسعار عام 2001 وبذلك حدث انخفاض في الأجر يشعر به الجميع ويعتبرون أن المرتب يتبخر كالبنزين و أن الفلوس قلة بركتها ولكن الحقيقة أن الأجور الحقيقية انخفضت نتيجة إطلاق قوي السوق بلا ضوابط بما يؤدي لمزيد من تدهور معيشة محدودي الدخل من أصحاب الأجور الثابتة .

كما أدي تطبيق سياسات الحكومة إلي المزيد من الخلل في توزيع الدخل حيث انخفض نصيب الأجور من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2001/2002 و2004/2005 من 31.1% إلي 28.2% بينما ارتفعت حقوق عوائد التملك الأخرى من 68.9% إلي 71.8% بما يعكس انحياز هذه السياسات الواضح لصالح الرأسمالية وعلي حساب محدودي الدخل .

لقد أكد د. محمود عبد الحي مدير معهد التخطيط السابق أن سوء توزيع الدخل يقلل من الشعور بزيادة النمو و وقال ، إنه لا يمكن لأي سياسة اقتصادية في مصر أن تنجح مادامت أجور الموظفين الأساسية لا تشكل إلا 25% من دخلهم، كاشفاً أنه دعا المسئولين إلي أن تبدأ المرتبات من 750 إلي1.000 جنيه، كرقم واحد، لكنه ووجه باعتراضات أهمها الخوف من زيادة عبء التأمينات الاجتماعية. هذه شهادات خبراء محايدين.

إننا نواجه عدة مشاكل مرتبطة بقضية الأجور والأسعار أهمها:
ـ تناقص أهمية الأجور الأساسية والتوسع في منح أجور تكميلية في صورة حوافز وبدلات أصبحت تشكل الجزء الرئيسي من الدخل ووجود هوة شاسعة بين الحد الأدنى والحد الأعلى للأجور.
ـ غياب وجود حد أدني للأجور يتغير بتغير الأسعار ويتحرك دورياً.
ـ خصخصة المرافق والخدمات العامة، تخلي الدولة عن دورها في ضبط الأسعار وترك قوي الاحتكار تتلاعب بالسوق.
ـ عدم وجود آلية واضحة لتنظيم العلاقة بين الأجور والأسعار، إطلاق قوي السوق بلا ضوابط ولا رقابة مما أدي لتدهور معيشة محدودي الدخل.
ـ زيادة الاعتماد علي الخارج والتوسع في الواردات.
ـ سياسة زراعية سيئة تزيد من عجز الميزان الزراعي وانخفاض الاكتفاء الذاتي من مختلف السلع الزراعية.
ـ انخفاض الإنتاجية.

لذلك كان لا بد من مواجهة هذه القضية الحيوية لكل كاسبي الأجور في مصر، وفي الانتخابات النقابية العمالية الأخيرة حددت اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية الحد الأدنى المطلوب لمعيشة أسرة معيشة كريمة هو 1,500 جنيه شهرياً وتوصلت بعد اللجان العمالية الأخرى لتحديده بنحو 1,200 جنيه بينما توصل حزب التجمع إلي إن الحد الأدنى المناسب يكون بحدود 900 جنيه.

وبعد أن كان اتحاد العمال الحكومي يتحدث عن رفع الحد الأدنى للأجور إلي 300 جنيه ونتيجة ضغط القواعد العمالية وانفجار التضخم تم رفع ذلك السقف إلي 600 جنيه وفق التصريحات الأخيرة للسيد حسين مجاور رئيس الاتحاد . ولقد أكدت كافة المنظمات النقابية ومنظمات المجتمع المدني المهمومة بالقضايا العمالية علي ضرورة تفعيل دور المجلس الأعلى للأجور الذي تشكل بالقانون رقم 12 لسنة 2003.

لقد أعلن وزير التنمية الاقتصادية أنه ستتم زيادة الحد الأدنى للأجور إلي 450 جنيه اعتباراً من يوليو القادم ، وان المجلس الأعلى للأجور سيجتمع خلال أيام لتحديد الحد الأدنى للأجور.

إننا نود التأكيد علي أن رفع الحد الأدنى للأجور وحده لا يكفي ما لم يرتبط بتعديل آليات إدارة السوق والاقتصاد . فالزيادة يمكن أن تفجر موجة من التضخم بينما المطلوب المزيد من الرقابة علي الأسعار وتخفيض الواردات وتعديل السياسية الزراعية وزيادة الإنتاجية.

المطلوب دمج الأجور المتغيرة في أجر واحد يكفي معيشة آدمية للمواطن وأسرته ، وتقليل الفروق بين الحد الأدنى والحد الأعلى،وإيجاد آلية تلزم القطاع الخاص بتطبيق الزيادة وعدم قصرها علي القطاع الحكومي فقط ، وإيجاد حل لمشكلة الأجور بالقطاع الخاص غير المنظم . بدون ذلك ستظل المشكلة وتستمر فليس بزيادة الأجور فقط تنصلح الأمور ولكن بحزمة متكاملة من السياسات . فهل الحكومة مستعدة لذلك؟!!!

إلهامي الميرغني
مستشار اقتصادي
16/2/2008
eme55@hotmail.com

الأحد، 17 فبراير 2008

تعريفات سياسية جدا


الدستور
هو الشئ الوحيد اللى كلما يتعدل..البلد يتعوج اكتر
المواطنة
أن توطن نفسك على انه مفيش فايدة

خطاب الرئيس
كلام يكتبه شخص ليقرأه شخص آخر على أشخاص يعرفون أن شخصا آخر هو الذى كتبه لكنهم يصفقون للشخص الذى يقرءاه
مجلس الشعب
هو الهيئة التى تساعد الحاكم لكى يجلس على الشعب
التحديث
السياسات الحكومية التى تؤدى إلى جعل المواطن يمشى فى ربوع الوطن وهو يتحدث مع نفسه
التعدديـــــــــة
حرص نظام الحكم على ضمان تعدد الفترات الرئاسية للحاكم بحيث يستمر فى الحكم حتى يعدد الناس عليه
سينـــــاء
شبه جزيرة حررها المصريون بدمائهم ليمنعوا الإسرائيليين من التجول فيها بالملابس العسكرية ولتسمح لهم اتفاقية كامب ديفيد بالتجول فيها بالمايوهات
قانون الطوارئ
القانون الذي يسمح للحاكم باعتقال من يشاء كلما طرأ ذلك على باله
العصيان المدنى
خروج المدنيين لإعلان رفضهم لسياسات الحكومة قبل أن يضربهم الأمن المركزى بالعصيان
الصراع الطبقى
صراع الشعب من اجل إزالة الحاكم الذى طبق على نفسه لعشرات السنين
سياسة الاعتدال
قيام الحاكم بالاعتدال على العرش فى نهاية فترته الرئاسية لكى يبدأ فترته الرئاسية الجديدة
الترشيح
الفلتر الذى لابد من استخدامه للتمكن من عصر خيرات البلاد حتى أخر قطرة
إقرار الذمة المالية
يقدم المسئول الحكومى عند بداية شغل منصبة إقرارا يؤكد فيه أن ذمته انتقلت إلى رحمة الله
الكسب غير المشروع
قيام الحاكم بكسب رزقه من نهب أموال المشروعات الحكومية من غير أن يركز على مشروع واحد بالذات
التضخم
الحالة التى تصيب الشعب بعد ربع قرن من ضربة على قفاه
العدل
عدل المواطن حتى يأخذ على قفاه بشكل مريح لمن يضربه
السواد الأعظم
هو السواد الذى يشوفه الشعب الذى يسكت معظم أبنائه على استبداد وفساد حكامه
سياسة التقشف
تجويع الشعب إلى أن يتقشف جلدة
إعادة الهيكلة
توفير كل الضمانات الأمنية والسياسية لعدم ترك الحاكم لعرش السلطة إلا وهو هيكل عظمى
السيدة الفاضلة
السيدة التى تفضل هى وزوجها فى الحكم لأكثر من ربع قرن
حزب الأغلبية
الحزب الذى يذيقك الغلب والذل وتعيش تحت حكمة اغلب فترات حياتك
الانجازات
المشروعات التى تفتتحها الحكومة ويضخمها إعلامها لحد الناس ما تجيب جاز
العالم التالت
العالم الذى يتم فيه توريث الحكم دون أن يجرؤ الشعب على قول تلت التلاتة كام
النظرية النسبية
النظرية التى ابتكرها اينشتاين وطبقها شخص آخر بتشكيل الوزارة من مجموعة من النسايب

الاثنين، 4 فبراير 2008

الشفافية وتداول المعلومات في مصر

الشفافية وتداول المعلومات في مصر

عرف العالم مصطلح الشفافية مع بداية التسعينات وصعود العولمة الليبرالية وثورة المعلومات وتحول العالم إلي قرية كونية.ولكن رغم ما تردده الحكومة وإعلامها الممل ليل نهار دعونا نتأمل الوضع في الواقع المصري.

يمثل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الوعاء الرئيسي للمعلومات في مصر ويمتلك الجهاز بالفعل الكوادر القادرة علي مواكبة ثورة المعلومات ولكن للأسف رغم كل تطورات التقنية الحديثة لم تتطور آليات العمل بل ازداد تخلفها. ولي تجارب شخصية عديدة مع الجهاز منها:
ـ عام 1985 وكانت الهجرة المصرية للخارج في ذروتها كنت اعد بحث لدبلومة الاقتصاد عن هجرة المصريين وتقدمت للجهاز طالباً البيانات . طلبوا خطاب من الدراسات العليا أحضرته وانتظرت حتى صدر قرار من رئيس الجهاز بإعطائي المعلومات المطلوبة وطلب مني سداد رسوم في حدود 160 جنيه وقتها.سددت المبلغ واستلمت ورقتين بهما بيان بأن العمالة المصرية في الخارج 168 ألف بينما كانت الأرقام المتداولة في حدود 2 مليون ولما سألت الموظف المسئول أجاب بأن هذا هو المتاح !!!
ـ تقدمت في العام الماضي للحصول علي بيانات عن المستشفيات الخاصة في مصر وسددت الرسوم المطلوبة ولكنني حصلت علي بيانات 2003 ، وسألت كيف يوجد فرق 4 سنوات حدثت بها تغيرات متعددة وأنا اعد دراسة جدوى لبنك سيقوم بتمويل مشروع مستشفي ولو حصلت علي بيانات غير دقيقة ستكون الدراسة خاطئة وسيتم تمويل مشروع بالخطأ أو حرمان مشروع من تمويل يستحقه.كما يتم إعطاء البيانات في أوراق عريضة تعمل علي أجهزة منقرضة فهذه هي الشفافية!!
ـ لكي نحصل علي بيانات الصادرات أو الواردات يبيع الجهاز البنود الجمركية بالبند ولكل سنة سعر ومن يرغب يشترك في قاعدة بيانات الجهاز مقابل 1.200 جنيه للأفراد ، بينما يمكن في السعودية التي يبلغ فيها دخل الفرد أضعاف الدخل في مصر الحصول علي كامل بنود الواردات مقابل 100 ريال لجميع البنود الجمركية والتصنيفات المختلفة إضافة إلي قرص مدمج يسهل التعامل الاليكتروني مع البيانات.فهل تنقصنا الكفاءة أم تنقصنا الإرادة؟!!

بعد أن عجزت جهود إصلاح الجهاز المركزي لجأت الحكومة لبناء جهاز معلومات جديد هو " مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار " وقاد الدكتور رأفت رضوان تجربة رائدة تؤكد أنه من الممكن بناء كيان معلوماتي متميز لو توافرت الإرادة ويستكمل الدكتور ماجد عثمان قيادة كتيبة متميزة تمثل نقطة مضيئة وسط ظلام المعلومات الحكومية, من الممكن أن نتفق مع بعض نتائج دراسات المركز ونختلف مع أخري ولكن الاختلاف من أرضية العلم والمصلحة العامة والحرص علي مصلحة هذا الوطن.يمكن لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إعطاء الباحث المعلومات ورقية أو علي وسيط إليكتروني وبما يحقق المنفعة المتبادلة. العجيب أن المركز يقوم بإعطاء بيانات وسلاسل زمنية حتى العام الحالي ومصدر العديد منها هو الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ولكن للشفافية في مصر حكم لا نعلمها.

تصر بعض الجهات علي سرية تقاريرها ومنها بنك الاستثمار القومي الذي اضطر لجنة الدفاع عن أموال المعاشات إلي رفع قضية لتمكينه من الإطلاع علي تقارير البنك ومعرفة مصير أموال المعاشات.هذه هي شفافيتنا حماها الله.

رغم كل الضجيج الذي تملؤه وزارة البترول والمجلات الإعلامية المليئة بالمعلومات المضروبة عن رصيد مصر البترولي ، لي تجربة مهمة مع الشركة القابضة للبتروكيماويات حيث تقدمت بطلب رسمي للحصول علي معلومات عن حجم الاستثمارات في القطاع وفرص الاستثمار المتاحة من خلال البيانات المنشورة وإنني مستعد لسداد الرسوم وظللت أتردد علي الشركة القابضة أكثر من 6 شهور دون فائدة. هذا نموذج آخر للشفافية المصرية.

" عندما تريد الحصول علي معلومات عن مصر عليك بتقرير السفارة الأمريكية " هذه نصيحة من باحث مخضرم اتمسك بها ، واذكر عندما كنت اعد دراسة حول أموال التأمينات وتعرضت لموضوع الديون المحلية إلي الناتج المحلي الإجمالي . لم أجد سوي موقع المخابرات المركزية الأمريكية لأجد عليه كل ما احتاج وحتى الشهر الماضي ، هذه هي الشفافية !!1

إنني أدعو المهتمين للدخول لموقع مركز معلومات مجلس الوزراء ليجد دراسات عن تضارب أرقام التجارة الخارجية والسياحة كل وزارة أو جهة تعطي رقم مختلف فهل هي وزارات في دولة واحدة أم كل شيخ يعمل بطريقته ، وكيف يطمئن صانع القرار لصدق هذه المعلومات؟!!!نفس الشئ ينطبق علي بيانات الصناعة والزراعة والتعليم والصحة ، فوضي عارمة لا تساعد علي اتخاذ أي قرار سواء من المستثمرين أو من الحكومة.

الأعجب من ذلك أن رئيس الوزراء يعلن أن رقم دعم الغذاء يبلغ 15 مليار جنيه بينما الرقم المسجل في الموازنة التي قدمها هو بنفسه لمجلس الشعب تتحدث عن 9 مليار جنيه فلماذا الكذب؟ وعندما تتحدث وزيرة القوي العاملة بأنه لا توجد لدينا بطالة بينما كل الأجهزة الحكومية تتحدث عن رقم بحدود 2.2 مليون متعطل وتصل في تقديرات أخري إلي 6 مليون متعطل . لماذا يكذب المسئولين ولماذا لا يتفقون علي الأرقام والبيانات التي يعلنونها؟!!!!


إن الشفافية ليست مجرد شعار خالي من المضمون ، وليس مجرد بيانات مضروبة ، ولكنها حقائق لمصلحة الوطن. المستثمر بحاجة لمعلومات دقيقة ليوجه استثماراته بشكل صحيح ، والمسئول يحتاج معلومات دقيقة ليتخذ قرار بشكل صحيح ولكن حين تغيب الحقيقة يغرق الجميع.

إن تداول المعلومات والبيانات حق من حقوق الإنسان بحكم كافة المواثيق ، فلا يجب أن نتجه لإذاعة لندن أو إسرائيل لنعرف حقائق عن أنفلونزا الطيور مثلاً فذلك العهد مضي ولن يعود ، وإذا لم تتحقق الشفافية بشكل حقيقي سيغرق الجميع فمن المسئول الرئيسي لنحاسبه ، أم هي مسئولية مشتركة للنظام بكافة مؤسساته وأجهزته. إن الشفافية أسلوب عمل ومنهج ولكن يبدوا أن الحكومة تفهم إنها الملابس الشفافة في كليبات الأغاني فقط وتلك هي المشكلة!!!

إلهامي الميرغني
3/2/2008
eme55@hotmail.com

الثلاثاء، 29 يناير 2008

الله يخرب بيتك يا محسن

واحد موظف داخل السوق يشترى اى حاجة ياكلها سأل كيلو اللحمة بكم قاله الجزار 30 جنية
اعد يدعى الله يخرب بيتك يا محسن ياللى مغلى العيشة علينا
سأل كيلو السمك بكام قلة بتاع السمك 15 جنية
اعد يدعى الله يخرب بيتك يا محسن ياللى مغلى العيشة علينا
سأل بكام الفرخة قلة بتاع الفراخ 10 جنية
اعد يدعى الله يخرب بيتك يا محسن ياللى مغلى العيشة علينا
واحد مخبر سمعه قبض عليه وأخذه على القسم ودخل على الضابط
قله تمام يا فندااام الضابط سأل: ماسك الراجل ده ليه؟!!
قله ده مش عارف اسم الريس يا فندااااام!!!

هدف أبو تريكة


أبوتريكة يسجل هدف التعاطف مع غزة

أحمد الخميسي




قام محمد أبو تريكه لاعب كرة القدم المصرية المعروف ، ونجمها اللامع أثناء مباراة مصر والسودان في دورة كأس أفريقيا برفع " فانلة " اللعب الحمراء التي كان يرتديها ليظهر للعالم كله من تحتها فانلة أخرى بيضاء مكتوب عليها بالعربية والإنجليزية " تعاطفا مع غزة " ! مستهينا بإمكانية أن يتخذ اتحاد الكرة الأفريقي قرارا بوقفه عن اللعب نظرا لمنع الشعارات السياسية خلال المباريات ، ومستهينا بإمكانية أن يخسر فريقه بخروجه من المباريات كأس أفريقيا ، ومستهينا بكل ما قد يعرضه له موقفه من غضب أو استياء رسمي . وبذلك سجل أبو تريكة أجمل أهداف حياته كلها ، لأنه الهدف الذي احتشد فيه تأييد الشعب المصري كله لنضال شعب فلسطين البطل وصمود غزة . هدف لم يسجله أبو تريكة بقدمه بل برأسه وبقلبه وباعتزازه بكرامته كمواطن مصري. إنه الهدف الذي اجتمعت فيه جنبا إلي جنب كل صفات اللاعب الماهر الفنان مع صفات المواطن الحقيقي . وأثبت " أبو تريكة " لمئات الآلاف من محبي كرة القدم الذين تابعوا المباراة أن الأمر " ليس لعبة " ، وأن تحت سطح كل ما يبدو مألوفا ، ثمة قلب آخر ، ونبض آخر ، تحت سطح لشوارع مصر الهادئة ، وتحت سطح منازلها الساكنة ، وتحت مظهر البشر الاعتيادي ، توجد قضية أخرى ، لأن الأمر " ليس لعبة " . فلا حصار الفلسطينيين ، ولا تجويعهم ، ولا كل مساعي الإبادة المستمرة يمكن أن تمر هكذا من دون أن تؤرق مصر ، ومن دون أن تثير غضبها وتعاطفها مع غزة . سجل أبو تريكة هدفا بأقدام مصر كلها، بتأييدها لحق فلسطين في التحرر ، بعدائها لإسرائيل والصهيونية ، بإدراكها أن كل حديث عن السلام هو أوهام ، وأنه لا خلاص لمصر من دون أن تتحرر من التبعية . لقد فزنا في المباراة في كل الأحوال ، وفزنا بكأس أفريقيا ، وبكئوس كل مباريات الكرة في العالم بمختلف أنواعها ، فالأمر " ليس لعبة " في نهاية المطاف .

حين ميسرة

الانحياز الفني في فيلم حين ميسرة
انزعج بعض الكتاب من فيلم حين ميسرة للمخرج المبدع خالد يوسف لأنه عرض واقع لم يخترعه الفيلم ولكنه قائم من خلال أكثر من 1300 تجمع عشوائي تضم أكثر من 20 مليون مواطن مصري لم يستطيعوا العيش في مساكن آدمية في ظل سياسات السوق الليبرالية المتوحشة وذلك وفق إحصائيات الحكومة المعلنة. لم ينزعج هؤلاء الكتاب من أفلام الأكشن والمغامرات ، ولم ينزعجوا من أفلام الكوميديا الهابطة والتفاهة لم يزعجهم كتكوت وبوحة ويا أنا يا خالتي ، لم يزعجهم كون غالبية الافلام يعيش أبطالها في فيلات لها حمام سباحة والآف المصريين يعيشون بلا صرف صحي أو مياه نقية ، لم يزعجهم أثاث شقق المسلسلات المصرية والصالونات التي تضم أربع غرف صالون ومستويين بسلم داخلي بينما مشروعات إسكان مبارك للشباب تقدم شقق 46 متر و60 متر وكل يوم تحفل الصحف بمشاكل العشوائيات.
إن الفن انحياز ولا يوجد شئ أسمه حيادية في الفن والثقافة لأننا نعيش في ظل مجتمع طبقي به سكان العشش الصفيح وسكان مارينا ودريم لاند ودماك ومدينتي به ركاب الهمر والشروكي وركاب الميكروباص والتوك توك .لم يزعج هؤلاء الكتاب صورة الحارة الشعبية المبتذلة في اللمبي وسيد العاطفي وخالتي فرنسا والشرشحة الشعبية فهذا هو نمط الفقراء الذي يريدون أن يسود السينما لتضحك الناس علي فقرها.ولكن خالد يوسف كسر القاعدة وخرج علي المألوف وأوضح انحيازه الذي أزعج فريق من كتاب البهوات وأصحاب الفيلات والشاليهات.
لقد أحبطني خالد يوسف في فلميه السابقين ويجا وخيانة مشروعة وشعرت بأنه استسلم لقيم السينما التجارية وشعرت بتكرار تجربة حسين كمال الذي قدم المعطف والمستحيل وقدم بعد ذلك أبي فوق الشجرة ولم يعود لسيرته الأولي ، كذلك المخرج أشرف فهمي الذي بدأ برائعة ليل وقضبان ثم استسلم لقوي السوق وكذلك سعيد مرزوق الذي قدم الخوف وزوجتي والكلب ثم استسلم وعشرات من المبدعين الذين قهرهم السوق الرأسمالي المتوحش والمقاومين لم نجد لهم إنتاج علي مدي أعوام فأين توفيق صالح وسيد سعيد وعلي بدرخان ؟!.ولأن خالد يوسف قاوم وصمد وعاد ليعبر عن هموم الفئات التي لا نراها علي الشاشة الفضية استحق كل هذا الهجوم لأنه ألقي حجر في الماء الراكد وأعلن انحيازه بوضوح فحقت عليه اللعنة. إن الكثير من سكان المدن الكبرى في مصر لم يتوقفوا عند التجمعات العشوائية التي يعبرون بها خلال ذهابهم وإيابهم ولا يعرفون طبيعة البشر الذين يعيشون فيها. ولقد استطاع خالد يوسف وباقتدار أن ينقل لنا جانب من حياة هؤلاء البسطاء ويقود اوركسترا سينمائي يقدم معزوفة ممتعة من الفن الصادق .
لقد نسي البعض أو تناسي مشاهد سقوط بغداد وكيف زحف الجياع نحو القصور الرئاسية والمتاحف في مشاهد لا تنسي ، المشكلة إن خالد يوسف يدق ناقوس الخطر لنستيقظ ونعرف أن لهؤلاء البشر حقوق لدينا جميعاً ومن قبلنا الدولة التي اكتفت بدور السمسار وتركت السوق لقوي البغي والاحتكار لتدهسنا تحت عجلاتها.لقد عرض الفيلم لحياة إنسانية لبشر بهم خير كثير وبهم شر كثير يعيشون واقع مرير ولا يملكون الخروج أو الفكاك منه وهي دعوة للتمرد علي هذا الواقع وتغيره وليس الاستسلام له كقدر حتمي ، لأن لهؤلاء البشر حقوق علي الدولة وحقوق علي أصحاب الضمائر الحية.وفي مشاهد رائعة رأينا كيف لسكان العشوائيات أن يفرحوا سواء في مشهد الاحتفال بالعيد عقب خروج البطل من السجن أو عند زواج عمرو عبد الجليل الثانية أو عندما سهر الأبطال يدخنون الحشيش الذي كان مفترض لعادل أن يبيعه .وعندما ركب عمرو سعد وعمرو عبد الجليل المرجيحة في مشهد طفولي رائع يرقي لمصاف مشاهد السينما العالمية ليذكرنا برباعية صلاح جاهين " أنا اللي بالأمر المحال اكتوي ، شفت القمر نطت لفوق في الهوا ، طلته مطلتش وأيه أنا يهمني وليه، مادام بالنشوي قلبي أكتوي" .إن الفقر ينتهك الفقراء وأجسادهم ذلك ما عبر عنه الفيلم سواء في حوار غادة عبد الرازق وسمية الخشاب حين قالت لها إنها لا تملك شئ تبيعه غير جسدها ، أو في مفاوضات الرجال مع الساقطة التي تبيع المتعة مقابل النقود ، ولقد قدم خالد يوسف مشاهد عبقرية ربط خلالها بين جسد سمية الخشاب واغتصابها وسقوط بغداد ليعرف الجميع أننا جميعاً منتهكون ومغتصبون وأن هناك قوة عاتية تستهدفنا جميعاً أفراداً وأوطاناً.ذلك ربما لم يغضب مهاجمي الفيلم أو لم يلحظوه؟!! كما أن الصراع علي السلطة بين النظام القائم والإسلام السياسي هو مجزرة الجميع فيها خاسر والضحية هم بسطاء هذا الوطن.لقد سقط عشرات الضحايا من رجال الشرطة ومن رجال الإسلام السياسي وكانت الأرض مليئة بالجثث والدم لتكثيف الإحساس بالخسارة للجميع. والحل هو إزالة العشش ليدفع الفقراء الثمن مضاعف.وتوقعت أن تهرب هالة فاخر وأسرتها كما يهرب الجميع وراء السراب الحكومي ولكن ما حدث مع عشش قلعة الكبش ودار السلام والحرية في بورسعيد جعلها تفضل الموت تحت جرافات الحكومة بدلاً من البحث عن الوهم ومعها كوم لحم ، كما أن بشاعة المشهد يعكس أن فقراء هذا الوطن هم الذين يدهسهم الصراع بين الحكومة والإسلام السياسي. لقد حشد الفيلم خلطة متكاملة من معاناة الفقراء سواء البطالة أو سكان العشوائيات أو أطفال الشوارع وكلها ظواهر نتحدث عنها منذ سنوات ونعاني منها ولكن خالد يوسف جسدها لنا في أشخاص من لحم ودم وكانت القسوة جزء من الحقيقة التي يريد البعض إلا يراها بالتغطية عليها.
عند نهاية الفيلم خفت من توجه الجميع إلي القطار وخفت أن يخذلني خالد يوسف ويلتقي عمرو سعد وسمية الخشاب ولكن توجه كل منهم لعربة مختلفة ووجود أبنهم الذي لم يروه وحفيدهم فوق سطح القطار جسد بعبقرية رائعة ضبابية المستقبل كلنا نركب قطار هذا الوطن في الدرجة الأولي أو السبنسة أو فوق السطح والمصير بأيدينا نحن نصنعه معاً هذه هي الرسالة التي وضعنا فيلم حين ميسرة أمامها.تحية إلي خالد يوسف الذي استعدناه في هذا الفيلم رغم أنني لا اعرفه وتحية لكل فريق العمل السيناريست ياسر عبد الرحمن والمبدع الرقيق رمسيس مرزوق والمهندس الفنان حامد حمدان الذي استطاع أن يجسد لنا بؤس الحي وعشوائية بناؤه وكل فريق الممثلين الذين نجحوا في نقلنا إلي عالم نمر عليه دون أن نتوقف أمامه ولكهم أجادوا باقتدار عمرو سعد وعمرو عبد الجليل واحمد بدير وهالة فاخر وسمية الخشاب والرائعة وفاء عامر وسوسن بدر وكل فريق العمل.لقد أجبرونا علي أن نفكر معاً في الحل من اجل مستقبل هذا الوطن.ومن اجل ألا نجد سكان العشوائيات يزحفون لتدمير كل شئ كما حدث يوم سقوط بغداد.إن الفن موقف ورسالة ولقد قدم خالد يوسف الرسالة التي ينحاز لها فلماذا يغضب الآخرين ؟!
إلهامي الميرغني
مستشار اقتصادي12/1/2008