الخميس، 30 يوليو 2009

تمثيل المرأة ونظام الحصة

أثيرت منذ فترة قضية التمثيل البرلماني للمرأة بعد تقلص تمثيلها في مجلس الشعب دورة 2005 ودفع ذلك الكثير من المنظمات المهتمة بحقوق المرأة والنشطاء والمهتمين بطرح قضية تخصيص حصة للنساء علي جدول المناقشة العامة وفي نفس الوقت كان الحزب الوطني وأمانة المرأة به تناقش نفس المشكلة وانتهي لتوصية بتخصيص 64 مقعد ضمن 500 مقعد في البرلمان القادم للنساء الأمر الذي قوبل بترحيب العديد من المهتمين. وباعتباري من المختلفين مع قضية التمييز الايجابي والمهتمين بتحقيق مشاركة حقيقية وفاعلة للنساء في كل نواحي الحياة فسأطرح رؤيتي لهذه القضية.
حقائق وأرقام
تمثل النساء نصف السكان في مصر وفق نتائج التعداد الأخير لعام 2006 وبنسبة 49% من السكان ورغم ذلك لا تزيد مشاركة النساء في قوة العمل عن 24.6% بينما يستحوذ الرجال علي 75.4% .وتشير بعض الدراسات إلي أن 50% إلي 60% من عمالة النساء في القطاع الخاص غير المنظم وفق شروط عمل مجحفة. (1) كما تفيد بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لوجود بطالة عام 2007 تقدر نسبتها بنحو 7.9% بينما تصل إلي 5.9% بين الذكور و 18.6% بين الإناث وبذلك يكون لدينا أكثر من مليون متعطلة منهم 607 ألف حاملي مؤهلات متوسطة و342 ألف حاملي شهادات جامعية وفوق الجامعية ذلك وفقاً للبيانات الرسمية المعلنة.
كما أن نسبة الأمية بين الرجال لا تتجاوز 22.3% بينما تصل إلي 37.3% بين النساء . وترتفع نسبة الأمية بين النساء إلي 52.9% في المنيا و 52.2% في بني سويف و50% في كل من الفيوم وسوهاج ومرسي مطروح.وهي نفس المحافظات التي يوجد بها اعلي معدلات للفقر وبما يعكس دور النساء التنموي وأهميته مشاركتهم لتقليل حدة الفقر.
يوجد 5.6 مليون موظف حكومي منهم 1.5 مليون من النساء يمثلون 27% من إجمالي موظفي الحكومة ورغم ذلك لا تتولي وظائف قيادية منهم سوي 1261 وظيفة فقط ويري الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إنهم يمثلون 15% من شاغلي الوظائف القيادية عام 2007 ولكن لو تم حساب هذه النسبة إلي إجمالي عدد موظفات الحكومة سنجد أنها أقل من 1%.
كما انه حتى الآن لم تتولي المرأة منصب محافظ رغم دورها في المحليات ولم تتولي رئاسة أي جامعة من الجامعات الحكومية رغم السماح لها بتولي مناصب في مراكز علمية مثل معهد التخطيط القومي والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ورغم وجود وزيرتين في وزارة الدكتور نظيف يمثلون 6.5% فقط من عدد الوزراء في مصر.
تكتفي الدولة بتمثيل تليفزيوني للنساء من خلال تولي 12 سيدة للقضاء أو تعيين عمدة في قرية من أكثر من 4000 قرية مصرية أو تعين سيدة كمأذون شرعي بين أكثر من 10 ألاف مأذون وما يصاحب هذه الظواهر الكاذبة للمشاركة من ضجيج إعلامي.
إذا أضفنا لذلك شروط العمل غير الملائمة والقوانين المجحفة التي تتعرض لها النساء في القطاع الخاص والقطاع الخاص الغير منظم سندرك حجم المعاناة التي تتحملها المرأة بخلاف تمثيلها السياسي.وانه في ظل انتشار الأمية والبطالة والفقر بين النساء توجد عشرات المحاذير علي المشاركة السياسية للنساء وإذا أضفنا لها الموروث الديني والثقافي سندرك حدة المشكلة التي لن تحلها الكوتة.
المشاركة السياسية للنساء
بدأت المرأة المشاركة منذ عام 1881 في الجهود الشعبية التي بذلت لمكافحة الاستعمار إبان الثورة العربية من خلال أنشطة عديدة منها إنشاء جمعيتين من الجمعيات الأهلية هما جمعيتا (حلوان) و(مصر الفلاح).كما تم إنشاء أول مدرسة مصرية ابتدائية للبنات هي مدرسة النهضة النسائية التي انشاتها الجمعية الخيرية الإسلامية عام 1878 .
ثم تقدمت الحركة النسائية بعد ذلك عندما شاركت المرأة في المظاهرات ضد الاحتلال الاجنبى في يوم 16 مارس عام 1919 ليمثل علامة مضيئة في تاريخ المرآة المصرية. كما عقد بالقاهرة أول مؤتمر نسائي منظم ضد الاستعمار حضرته 500 سيدة برئاسة هدى شعراوي وحضور نبوية موسى أول فتاة مصرية تحصل على البكالوريا عام 1907، وفى 16 يناير عام 1920 قامت مظاهرة نسائية أخرى من باب الحديد إلى عابدين تهتف ضد الاستعمار.
في ظل تلك الظروف أنشأت هدى شعراوي لجنة الوفد المركزية للسيدات وقد طالبت تلك اللجنة بالاستقلال التام، وظهرت بعد ذلك لجنة سياسية جديدة ولكنها لم تدم طويلا.وفى تلك الأثناء تم إنشاء الاتحاد النسائي المصري برئاسة هدى شعراوي وتضمن برنامج الاتحاد المطالبة باستقلال مصر والسودان وحياد قناة السويس وقت الحرب وإلغاء الامتيازات الأجنبية. وفى عام 1925 تقدم الاتحاد النسائي المصري بعريضة إلى رئيسي مجلس الشيوخ والنواب مطالبة بتعديل قانون الانتخاب بما يضمن مشاركة النساء في الحقوق الانتخابية، وعقد أول مؤتمر نسائي عربي في القاهرة عام 1938.
كذلك شهدت الأربعينات ارتفاعا في مستوى الوعي السياسي بين النساء حيث تكونت أول جماعات نسائية تدافع وتطالب بمشاركة المرأة في الحياة السياسية مثل (حزب نساء مصر) عام 1924. وفى فبراير 1946 شاركت رابطة العاملات المصرية في تكوين اللجنة الوطنية للعمال والطلبة مع نقابات وجمعيات أخرى. وكانت هذه أول منظمة للنساء العاملات في مصر وقادتها حكمت الغزالي، وهى عاملة نسيج من شبرا الخيمة. ومن خلال هذه النقابات والجمعيات بدأت النساء من كل الطبقات في تمكين أنفسهن وحماية مصالحهن، وكذلك مصالح أمتهن من خلال التوحد في جماعات.وفى 12 مارس 1953 اعتصمت مجموعة من سيدات حزب بنت النيل في مبنى نقابة الصحفيين واضربن عن الطعام مطالبات بحقوق المرأة السياسية الكاملة. (2)

تنظيمات اليسار منذ العشرينات تضم مشاركة نشطة للنساء سواء علي المستوي العام أو علي المستوي القيادي للتنظيمات مثل الأستاذة فاطمة زكي وليلي الشال وثريا شاكر وثريا أدهم والدكتورة لطيفة الزيات وانجي أفلاطون مندوبة رابطة فتيات الجامعة والمعاهد المصرية (منظمة للنساء الشيوعيات) في المؤتمر العالمي للمرأة بباريس في 1945.
رغم توقع النساء لدور أكبر في المشاركة السياسية عقب يوليو 1952 إلا أن الواقع جاء بعكس ذلك ففي عام 1953 أغلق الضباط الأحرار مكاتب الاتحاد النسائي المصري واتحاد بنت النيل بدعوى أنهما حزبان سياسيان. وبحلول عام 1954 تم حل الاتحاد النسائي بشكل وحل محله التنظيم النسائي بالاتحاد القومي، ثم الاتحاد الاشتراكي. بذلك دمر عسكر يوليو الحركة النسائية المستقلة والمشاركة السياسية الحقيقية والفاعلة ضمن حملة معاداة الديمقراطية.
تم خلال انتخابات مجلس الأمة عام 1957 دخول المرأة لعضوية البرلمان لأول مرة في التاريخ المصري فكانت راوية عطية وأمينة شكري أول نائبتين منتخبتين في برلمان عربي عام‏ 1957 م، حيث فازت الأولي في دائرة قسم ثان الجيزة‏،‏ والثانية في قسم باب شرق بالإسكندرية. وتوالي منذ ذلك التاريخ التمثيل الشكلي للمرأة في البرلمان.
لذلك يعيب العديد من الدراسات اهتمامها بالمرأة في البرلمان كعدد وليس كفاعلية سياسية وتعبير عن هموم وقضايا المرأة.لقد أجهزت الثورة علي الوجود النسائي المستقل ووضعت المرأة كجزء من الديكور الديمقراطي في تنظيماتها السياسية والبرلمان من ممثلي الدولة بدأ من راوية عطية وحتى الدكتورة شاهيناز النجار. لقد أعد الباحث عمرو هاشم دراسة عن المرأة في البرلمان اتضح ضمن نتائجها أن عضوات البرلمان المصري لم يتقدمن بأي استجواب للوزراء طوال فترة مشاركتهن في البرلمان منذ عام 1957 وحتى برلمان 1995، أما السبب - كما يقول– فيرجع إلى أن أغلب هؤلاء العضوات من الحزب الوطني الحاكم وضعف الأداء البرلماني للسيدات بشكل عام.( 3 )

إذن القضية ليست مجرد تواجد عددي وشكلي في البرلمان ولكن التواجد فاعل وممارسة الدور البرلماني بشكل حقيقي لن يحدث في ظل كوته تأتي بممثلات للحزب الوطني وتوجهاته ومصالحه المعادية بالكامل للنساء وحقوق النساء.كما أن الحديث عن عضوية المجالس المحلية لم تدخله المطالبة بحصة نسائية رغم أن التمثيل النسائي بها لايتجاوز 2%.
وإذا تأملنا حجم عضوية المرأة في النقابات المهنية من واقع دراسة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نجد أنها تشكل 55% من عضوية نقابة الاجتماعيين و42% من نقابة التجاريين و 34.5% من نقابة الأطباء و48% من الصيادلة و44.6% من العلاج الطبيعي و24% من المهن الزراعية و14% من المهندسين و5% من التطبيقيين و 26.2% من الصحفيين.لم يعكس تشكيل مجالس إدارة النقابات المهنية هذه الأعداد الكبيرة من السيدات ؟! وهل تشارك السيدات في الانتخابات والجمعيات العمومية للنقابات؟!وهل سيتم عمل حصة نسائية في النقابات؟!!نفس النتائج نراها في الأحزاب السياسية وقياداتها وعمل أمانات للمرأة تستلهم تراث الاتحاد الاشتراكي ولا تعكس فاعلية وتواجد في أنشطة الأحزاب ومستوياتها القيادية .

إن النساء الوحيدات القادرات علي انتزاع حقوقهن هم عاملات المنصورة اسبانيا و غزل المحلة وموظفات الضرائب العقارية ، مصر بها نماذج ملهمة مثل عائشة أبو صمادة في الحناوي للدخان وأمل السعيد ووداد الدمرداش عاملات غزل المحلة ونفيسة المراكبي شهيدة سراندوا فهولاء فقط هم القادرين علي دعم المشاركة السياسية للنساء.إن الحكومة لا تريد أن يرتفع صوت هؤلاء النساء لأنهم أمل الأمة في التطور الديمقراطي بمعناه الشعبي الحقيقي وليس المزيف.
إن السلطة التي تحرشت بنوال علي والصحفيات يوم الاستفتاء والتي تحرشت بعاملات المحلة واستخدمت البلطجية ضد جميلة إسماعيل لا يمكن أن تسمح بتمثيل ديمقراطي يأتي بسيدات يحملن هموم النساء الحقيقية إلي المجالس النيابية. ولكنهم يحتاجون إلي توابع أشد عداء لحقوق المرأة من أي رجل ، يأتون بهم علي قوائم الحُزن الوطني ليفرضوهم علينا ويخرجون بهم للتصوير أمام عدسات وكالات الأنباء في المناسبات المختلفة.
إن تولي النساء للمناصب القيادية كوزيرات ومحافظات ورؤساء لجامعات وهيئات سيادية يعني المساواة في فرص التعيين والترقي. فالتمييز الايجابي قد يكون أفضل من الحرمان الحالي ولكنه ليس العلاج للمشكلة الحقيقية التي نواجهها فالديمقراطية والمساواة التامة والمواطنة هي الحل.وليس بالتمييز وحده تنال المرأة حقوقها وتتحقق الديمقراطية.

إلهامي الميرغني
9/6/2009
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) عـــزة خلــــيل ـ تأنيث الفقر في الواقع المصري مقاربات بعض المنظمات النسائية والدولية ـ المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ـ المؤتمر السنوي التاسع ـ قضايا الفقر والفقراء في مصر ـ مايو 2007.
( 2 ) عاطف إسماعيل ـ المرأة المصرية وواقع المشاركة ـ لجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي 20/5/2009 ـ والمقال منشور علي موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان :http://www.anhri.net/egypt/easd/2009/pr0521.shtml
( 3 ) عاطف إسماعيل ـ المرأة المصرية وواقع المشاركة ـ مرجع سابق.

التغيرات في بنية الطبقة العاملة المصرية

ارتبط العمل بمفهوم النشاط الإنساني الموجه لإنتاج الخيرات المادية اللازمة لحياة الإنسان ، حيث يتم تغيير شكل الأشياء الموجودة في الطبيعة لتصبح صالحة لإشباع حاجات الإنسان مثل قطع الأشجار لاستخدامها كوقود للطهي واستخدامها في التدفئة.
كانت وسائل العمل في البداية بسيطة وغير معقدة مثل السكين والمخرز والفأس ثم تطورت لتصبح ألآت وماكينات تعمل أوتوماتيكيا . لذلك فإن عملية الإنتاج تشمل وسائل العمل مثل الأدوات والمعدات والالآت وموضوع العمل مثل المعادن أو المواد الغذائية أو الكيماوية وهو ما اصطلح علي تسميته " وسائل الإنتاج ". لذلك توجد ضرورة للتفرقة بين المادة الخام ووسيلة الإنتاج فالحديد المستخرج من المنجم هو ناتج للعمل العمال في المنجم بينما هو مادة خام عندما يستخدم في صناعة الصلب ، لذلك يلعب العمل الإنساني فعله في تحويل الأشياء إلي منتجات ويخلق لها قيمة.
تتحدد علاقة الإنسان بالإنتاج " علاقات الإنتاج " حيث تساهم مجموعات مختلفة من البشر في صنع السلعة وبذلك تحدد علاقات الإنتاج في المجتمع من حيث ارتباط العاملين بوسائل الإنتاج وتلعب ملكية وسائل الإنتاج دور هام في تحديد طبيعة علاقات الإنتاج في كل نظام اقتصادي واجتماعي. لذلك ارتبط مفهوم الطبقات الاجتماعية بمفهوم علاقة الإنتاج حيث يتحدد موقف كل طبقة من طبقات المجتمع من علاقات الإنتاج وخلق قيمة العمل.
كما عرف التطور الاقتصادي الاجتماعي وجود مجموعة من " عوامل الإنتاج" التي تشارك في العملية الإنتاجية وتختلف أدوارها ونصيبها من عوائد الإنتاج وهي :
عنصر الإنتاج
العائد الاقتصادي
1. الأرض الريع
2. العمل الأجر
3. رأس المال الربح
4. التنظيم والإدارة الفائدة
تتوزع الثروة بين عناصر الإنتاج الأربعة وفي ظل علاقات الإنتاج الرأسمالي يصبح هناك سوء توزيع في عوائد الإنتاج لصالح ملاك رأس المال من أصحاب أراضي ورأسماليين ومنظمين بينما يتقلص عائد العمل بما يعكس المزيد من الاستغلال للعمال.
انخفض نصيب الأجور من الناتج المحلي الإجمالي في مصر من 40.3% عام 1975 إلي33.3% عام 1985 ثم بلغ 28.2 % عام 2004/ 2005 وبما يعكس سوء توزيع الدخل لصالح الطبقات المالكة .

تعريف الطبقة
تعرف الطبقة بأنها" جماعات كبيرة من الناس تتميز تاريخياً حسب وضعها في نظام معين للإنتاج الاجتماعي وحسب علاقتها بوسائل الإنتاج وحسب دورها في التنظيم الاجتماعي للعمل وبالتالي حسب وسيلة الحصول علي نصيب من الثروة الاجتماعية وحجمه".
لقد ارتبط ظهور الطبقات بمراحل معينة من تطور الإنتاج الاجتماعي وتقسيم العمل وظهور الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. لذلك توجد محددات يمكن من خلالها التعرف علي الطبقة وهي:
· العلاقة بوسائل الإنتاج ( إنتاج فائض القيمة)
· الدور الذي تقوم به في التنظيم الاجتماعي للعمل.
· النصيب الذي يؤول إليها من الثروة الاجتماعية ونمط حصولها عليه.
تعد الطبقة العاملة يحكم كونها لا تملك وسائل الإنتاج وهي التي تنتج فائض القيمة الناتج علي العمل المضاف علي الخامات والذي يخلق قيمة المنتج فهي الطبقة الأكثر ثورية والأكثر التزاماً بالدفاع عن مصالحها ومصالح كل الطبقات الفقيرة والمحرومة في المجتمع.لأنه لا توجد لديها ملكية خاصة تخاف عليها ، كما أن أنها تخلق الثروة ولا تحصل علي نصيب عادل منها لأن علاقات الإنتاج الرأسمالية تضخ العوائد للملاك وتلقي بالفتات للمنتجين وصناع الثروة.
كما أن عمال الصناعة هم الطليعة المتقدمة للطبقة العاملة بحكم تعاملهم مع الآلات الحديثة ووجودهم في تجمعات وخضوعهم لتقسيم عمل صارم ويمكن تقسيم عمال الصناعة عدة تقسيمات منها:
· تقسيمهم إلي عمال مهرة ونصف مهرة وغير مهرة.
· عمال إنتاج وعمال خدمات.
· عمالة دائمة وعمالة مؤقتة أو موسمية.
· عمالة بالأجر وعمالة بالقطعة.
· عمالة مباشرة وعمالة غير مباشرة.
· عمال قطاع أعمال عام وعمال قطاع خاص وعمال استثمار.
لذلك توجد أهمية لمعرفة حجم الطبقة العاملة الآن لكي نعرف طبيعة القوي الكامنة في هذه الطبقة .
لقد حدثت تطورات كبيرة في علاقات الإنتاج وقوي الإنتاج ( وسائل الإنتاج وقوة العمل ) علي مدي السنوات الماضية . بدأ علم الاجتماع يهتم بالتحليل الطبقي وقياس التغيرات التي تحدث في بنية الطبقة العاملة.ولكن مع الطفرة العلمية والتكنولوجية ودخول عصر الهندسة الوراثية والإشعاع أصبحت هناك بعض التساؤلات التي نحتاج للإجابة عليها ومنها:
ـ هل الطبقة العاملة هي الطبقة العاملة الصناعية فقط أم تتسع لتشمل كل العاملين بأجر؟
ـ إذا كان كل عامل بأجر هو من الطبقة العاملة فهل نعتبر الإدارة العليا والتي تملك سلطة توقيع الجزاءات ضمن الطبقة العاملة أم نستبعدها؟
ـ هل يشمل التعريف الواسع للطبقة العاملة موظفي الحكومة ؟ وكيف يمكن قياس القيمة المضافة من العمل الحكومي؟
ـ العمل الذهني والعمل الرفيع المستوي هو عمل بأجر . هل نعتبر مبرمجي الحاسب الآلي وخبراء الإدارة عمال لمجرد أنهم يعملون بأجر؟
ـ كيف يمكن تصنيف العمالة في القطاع غير المنظم والمهمشين؟
ـ كيف يمكن تصنيف العمالة في أكثر من وظيفة خاصة العامل الذي يملك تاكسي يعمل عليه في المساء، أو العامل الذي لديه محل تجاري يعمل به فترة أخري؟
ـ أصحاب المهن الحرة العاملين بأجر كالأطباء والمهندسين والمحامين هل ندخلهم ضمن الطبقة العاملة؟
لذلك توجد أهمية للتقييم الطبقي بحيث يعتمد علي مدي السيطرة علي قرارات الإنتاج والتراكم وعلي جهاز الإنتاج والعمال.فمعايير الاستغلال وممارسة السلطة يمكن أن تفيدنا في التمييز. كما أن التجانس أو التعارض بين الفئات والشرائح الطبقية يمكن أن يكون مدخل آخر لمعرفة التركيب الطبقي.
لذلك فإن الأخذ بالمفهوم الواسع للطبقة العاملة الذي يمتد ليشمل كل العاملين بأجر هو المفهوم الذي يتبناه الباحث في هذه الورقة مع وضع كافة الضوابط الخاصة بمدي المشاركة في اتخاذ القرار وتوقيع الجزاء والتفرقة بين المهنيين وأصحاب المهن المتميزة واستبعادهم من تكوين الطبقة العاملة رغم أنهم يعملون بأجر.

تطورات بنية الطبقة العاملة المصرية
تتغير بنية الطبقة العاملة ومراكز الثقل الرئيسية بها بين فترة وأخري ولو حاولنا تتبع التغيرات في بنية الطبقة العاملة فسنجد انه خلال قرن من تطور الطبقة العاملة المصرية حدث حراك بين أجزاء ومكونات الطبقة وبين القطاعات الرائدة فيها تبعاً للتطور الاقتصادي والاجتماعي . ولو حاولنا التعرف في عجالة علي أهم ملامح هذه المراحل نجد الآتي:
المرحلة الأولي من مطلع القرن حتى 1924
تحددت هذه المرحلة منذ بدء حركة إضرابات لفافي السجائر بالقاهرة عام 1899 والذي يؤرخ به لنشأت الوعي العمالي مروراً بثورة 1919 وانتهاء بحل الوفد لاتحاد النقابات وتتميز هذه الفترة بعدة مميزات منها:
· وجود الاستعمار الانجليزي .
· سيطرة الرأسمالية والشركات الأجنبية علي الاقتصاد مثل شركة ليبون الفرنسية التي احتكرت مرفق الغاز والشركة الانجليزية التي احتكرت ترام الرمل بالإسكندرية والشركة البلجيكية التي حصلت علي امتياز السكة الحديد .
· كان عمال عنابر السكة الحديد وعمال الترام هم القلب النابض لتلك المرحلة.
· كانت القاهرة والإسكندرية هي المراكز الرئيسية للتحركات العمالية.
· شارك العمال الأجانب مع العمال المصريين في كافة الاحتجاجات العمالية.
· واجهت الطبقة العاملة الحرب العالمية الأولي وما نتج عنها من غلاء وبطالة.
· المشاركة الفاعلة في أحداث ثورة 1919.
· بداية الوعي النقابي والعمالي وتكوين أول اتحاد عمال تابع للحزب الاشتراكي عام 1924.
· بداية تشريعات العمل بصدور لائحة تشغيل الأحداث وتحديد ساعات العمل عام 1909.
المرحلة الثانية من عام 1924 إلي عام 1942
تبدأ هذه المرحلة في أعقاب الصدام بين الوفد والنقابات العمالية وحتى صدور أول قانون للنقابات وتتميز هذه الفترة بما يلي:
· محاولات تأسيس اتحاد عام للنقابات.
· محاولات مختلف الأحزاب للسيطرة علي الحركة العمالية.
· ظلت الحركة متركزة في القاهرة والإسكندرية وخاصة بين عمال الترام والسكة الحديد مع بداية ظهور مراكز عمالية جديدة في المحلة الكبرى وسمنود وبداية ظهور لعمال النسيج كفئة تلعب دور هام في بنية الطبقة.
· تبلور الحركة المطلبية لإصدار قانون العمل وتحايل الوفد وتأجيل إصدار القانون.
· مواجهة الكساد الاقتصادي الكبير الذي امتد من عام 1928 إلي 1932 وخفض مرتبات الموظفين وإلغاء العلاوة الدورية عام 1930 .
· حصار إسماعيل صدقي للحركة النقابية ومطاردة القادة النقابيين ثم تشكيل المجلس الاستشاري الأعلى للعمل عام 1932.
· محاولات متواصلة لتكوين اتحاد عام لنقابات العمال رغم عدم وجود قانون للنقابات العمالية.
· تنتهي هذه الفترة بصدور عدد من التشريعات الهامة هي القانون رقم 85 لسنة 1942 بتنظيم النقابات العمالية وقانون التأمين الإجباري عن حوادث العمل .
المرحلة الثالثة من عام 1942 إلي يوليو 1952
تبدأ هذه المرحلة في أعقاب صدور قانون النقابات وحتى قيام ثورة يوليو وتتميز هذه المرحلة بأنها شهدت عدة متغيرات هامة منها:
· صدور قانون العمل الفردي رقم 41 لسنة 1944.
· تقلص النفوذ الأجنبي وزيادة صعود الرأسمالية المصرية.
· تبلور مراكز عمالية جديدة في شبرا الخيمة والمحلة الكبرى التي تضم شركة مصر للغزل والنسيج أحدي شركات بنك مصر وكان يعمل بها 26 ألف عامل،وشبرا الخيمة التي تضم 21 ألف عامل نسيج منهم 9 ألاف عامل نسيج ميكانيكي.
· قاد عمال النسيج في شبرا الخيمة إضراب عام بعد حل نقابة عمال النسيج الميكانيكي استمر 19 يوم من 2 يناير إلي 21 يناير 1946.واضراب عمال المحلة في يونيو 1946.وكذلك عمال شركة الغزل الأهلية في الإسكندرية.
· تصاعد الحركة الاضرابية لموظفي الحكومة مثل موظفي التلغراف 1947 ومدرسي التعليم الحر وإضراب الممرضين بمستشفي القصر العيني وإضراب خريجي المدارس الثانوية الصناعية العاملين بورش السكة الحديد وميكانيكي سلاح الطيران.
· مشاركة الحركة العمالية في انتفاضة 1946 وتشكيل اللجنة الوطنية للعمال والطلبة كتعبير عن الاندماج والتلاحم بين الطلبة والعمال.
· تمثيل مصر في اتحاد النقابات العالمي بباريس عام 1945.
· التحضير لإعلان اتحاد نقابات عمال مصر يوم 26 يناير 1952 وهو اليوم الذي تم فيه حريق القاهرة في ظل الصراع بين الانجليز والقصر والأحزاب وتعطل إعلان الاتحاد.
المرحلة الرابعة من 1952 إلي 1961
تبدأ هذه المرحلة بثورة يوليو وتنتهي بصدور قوانين يوليو وتحولات الاقتصاد وظهور القطاع العام وتتميز هذه المرحلة بصعود أكبر للرأسمالية وإسقاط الملكية والإقطاع وجلاء الاستعمار الانجليزي وقد انعكس ذلك علي الطبقة العاملة من خلال:
· إعدام خميس والبقري قيادات إضراب كفر الدوار بعد أقل شهر من قيام حركة الجيش .
· كانت نظرت ضباط يوليو تعتمد علي عدم الثقة في ولاء الطبقة العاملة والاستهانة بوزنها الاجتماعي واعتبارها حضانة للشيوعية والأفكار الهدامة.
· استمرت سيطرة الرأسمالية المحلية علي القطاع الصناعي وأحجم رأس المال الأجنبي عن دعم توجهات ضباط يوليو رغم صدور قانون جاذب للاستثمار الأجنبي عام 1953.
· صدور قانون جديد للنقابات العمالية رقم 319 لسنة 1952 وقانون عقد العمل الفردي رقم 317 الذي سمح بالغلق الجزئي للمنشآت والتوفير الجماعي للعمال والفصل التعسفي والقانون رقم 318 بشان التوفيق والتحكيم.
· محاولات ضباط يوليو لاستخدام الطبقة العاملة في صراعتها الداخلية في أزمة مارس 1954 وحصار الحركة النقابية والعمالية وعسكرتها حسب تعبير المناضل العمالي عطية الصيرفي.
· تشكيل اتحاد نقابات عمال مصر عام 1957 .
· تشكيل المؤسسة الاقتصادية بعد تأميم المصالح الأجنبية عام 1955 ثم تأميم شركة قناة السويس عام 1956.
· صدور القانون رقم 419 لسنة 1955 في مجال التأمين والادخار العمالي ثم صدور القانون رقم 92 لسنة 1957 بشان التأمين الاجتماعي .
· تمثيل العمال بثلاث ممثلين في برلمان 1957 .
· الاعتقالات المتتالية للقيادات العمالية منذ عام 1954 وحتى الاعتقال الكبير الذي امتد من 1959 إلي 1963 .
المرحلة الخامسة 1961 إلي 1975
شهدت هذه المرحلة تحولين دراميين من اكبر التحولات في تاريخ مصر الحديث الأول بالتأميمات الكبرى التي بدأت عام 1961 ودخول مصر لعصر الصناعة بخطة خمسية ثم توقف الخطة الثانية بعد عدوان 1967 . والتحول الثاني هو انقلاب الرئيس السادات في عام 1971 والإعلان عن الانفتاح الاقتصادي مع عودة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية. وتميزت المسيرة العمالية خلال هذه الفترة بما يلي:
· صدور عدد من التشريعات الاجتماعية الداعمة لحقوق العمال في الأجر والتأمينات الاجتماعية مع استمرار حصار التنظيم النقابي وإخضاعه للرقابة الأمنية رغم صدور تشريعات بمشاركة العمال في الأرباح والإدارة.
· بناء السد العالي وما واكبه من حركة تصنيع كبري وظهور الصناعات الحربية والثقيلة ونشأت مدن صناعية جديدة مثل منطقة حلوان.
· وضع قيود علي الواردات من الخارج لصالح دعم الإنتاج المحلي.
· نشأت القطاع العام والذي كان يعتمد علي قيام مصانع كثيفة العمالة بما دعم المراكز الصناعية القديمة في المحلة وكفر الدوار وطنطا ودعم المراكز الجديدة في حلوان.
· تحول الثقل من القطاع الخاص الذي يملك 117 شركة إلي القطاع العام الذي أصبح يملك 315 شركة.
· رغم حركة التأميمات الكبري فإن إدارة شركات القطاع العام قد انتقلت في غالبيتها لأهل الثقة من ضباط يوليو ومن يؤيدهم أو من أصحاب الشركات القديمة بعد التأميم كما حدث في شركات المقاولات مما اوجد وضع مريض ظهرت أثاره في المراحل التالية.
· دور القطاع العام في توفير الاحتياجات الأساسية ودعم المجهود الحربي وإعادة بناء ما خربه العدوان.
· كانت مصر تعتمد في بناء الصناعة الحديثة علي التقنيات السوفيتيه والواردة من دول أوروبا الشرقية ولكن بعد التحول الساداتي تم التحول في التقنيات من الكتلة الشرقية إلي الولايات المتحدة وأوروبا واليابان مما احدث خلل في تطور العديد من الصناعات.
· شهدت هذه المرحلة تصاعد الحركة الاحتجاجية العمالية والتي بدأت بمظاهرات عمال الطيران في عام 1968 ثم عمال حلوان 1972 و1975 ثم انتفاضة عمال المحلة 1975.
· صدور القانون رقم 43 لسنة 1974 الخاص بالاستثمار والذي توسع في الإعفاءات الضريبية والجمركية للمشروعات الجديدة.
· بدا الحديث عن أزمة القطاع العام وأهمية تطويره والاتصال بمؤسسات التمويل الدولية لتطوير القطاع العام والذي انتهي بتفكيك الصناعة المصرية.

المرحلة السادسة 1975 إلي 1995
هذه هي مرحلة التحول الكبير من فكر الناصرية والانقضاض علي المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة وتقلص دور القطاع العام لصالح قوي السوق والقطاع الخاص. وفتح الباب مرة أخري أمام رأس المال الأجنبي مع التوسع في منحه المزيد من التسهيلات. وتتميز هذه المرحلة بما يلي:
· زيادة دور القطاع الخاص وبيع شركات القطاع العام وزيادة الإعفاءات للاستثمار الأجنبي.
· نشأت المدن الصناعية الجديدة مثل العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر وبرج العرب والعامرية والعبور والصالحية وغيرها وحرمان عمال هذه المناطق من حق التنظيم النقابي.
· التوسع في الاستيراد من الخارج لكل المنتجات الضرورية وغير الضرورية .
· انتفاضة يناير 1977 مثلت علامة علي طريق تطور الحركة العمالية أعقبها تراجع للحركة الاحتجاجية ثم عودتها للتصاعد مع النصف الثاني من الثمانينات والذي شهد إضراب عمال الحديد والصلب عام 1989 .
· الاعتماد علي هجرة العمالة المصرية لدول الخليج العربي وليبيا والعراق والتي وصلت إلي 5 مليون عامل في خلال الطفرة وبحيث أصبح الحل الفردي وأحلام الثراء هي وسيلة إفراغ مصر من قوي المواجهة.
· صدور عدد من التشريعات التي لا تزال سارية حتى الآن مثل القانون 48 لسنة 1978 الخاص بموظفي الحكومة والقانون رقم 79 لسنة 1975 الخاص بالتأمين الاجتماعي والقانون رقم 35 لسنة 1976 الخاص بالنقابات العمالية.
· ظلت حلوان وكفر الدوار والإسكندرية والمحلة تمثل مراكز ثقل رئيسية للطبقة العاملة.واستمر عمال القطاع العام يمثلون القطاع الأكثر حركة وأكثر احتجاجاً بحكم الأعداد الكبيرة وتدني أنظمة الأجور والحوافز.
· وقعت مصر اتفاقية التكيف الهيكلي مع صندوق النقد الدولي في مايو 1991 بعد مشاركتها في حرب تحرير الكويت في أغسطس عام 1990 وتوقيع اتفاق برنامج التكيف الهيكلي مع البنك الدولي في نوفمبر عام 1991 والذي أعقبه صدور القانون 203 الخاص بشركات قطاع الأعمال والذي دشن دخول الخصخصة مرحلة جديدة.
· صدور القانون 100 لسنة 1991 الذي جمد العمل في العديد من النقابات المهنية.
· صدور القانون رقم 203 لسنة 1991 الخاص بشركات قطاع الأعمال العام
· توجت هذه المرحلة بالاندماج في السوق الرأسمالي العالمي بانضمام مصر لمنظمة التجارة العالمية عام 1995.
المرحلة السابعة 1995 إلي 2009
تتميز هذه المرحلة بانطلاق القطاع الخاص وقوي السوق والإجهاز علي ما تبقي من القطاع العام وانفجار موجات متتالية من البطالة والغلاء توجتها الأزمة الاقتصادية العالمية التي نعيش تداعيتها الآن ومن أهم ما يميز تلك الفترة.
· صدور القانون رقم 19 لسنة 1998 بتحويل الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية إلي شركة قابضة والذي أعقبه تحويل شركات المياه والكهرباء لشركات مساهمة.ثم صدر قانون التجارة عام 1999 . وصدور قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997.
· وقعت مصر اتفاقية الشراكة الأوروبية عام 2002 وفي عام 2005 وقعت اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة ( الكويز) ليدخل المنتج الإسرائيلي لصناعة الملابس المصرية.
· صدر قانون العمل الجديد رقم 12 لسنة 2003 .
· التوسع في الاستثمار الأجنبي والاستيراد من الخارج وسيطرة الشركات المتعددة الجنسية علي الكثير من القطاعات.وزيادة نفوذ أصحاب التوكيلات التجارية وتشكيل حكومة يغلب عليها رجال الأعمال.
· ظهور الاحتكارات الكبرى خاصة في أسواق الحديد والأسمنت وما صاحبها من موجة عامة للغلاء.
· تقليص مخصصات الدعم السلعي وارتفاع تكلفة التعليم والصحة في ظل الخصخصة وانتشار الدروس الخصوصية . انفجار الغلاء والبطالة بشكل حول الالاف من المصريين لما دون حد الفقر.
· خروج أكثر من نصف مليون عامل من عمال القطاع العام للمعاش المبكر.
· توقف الدولة عن تعيين الخريجين والتوسع في العمل المؤقت بالحكومة والقطاع العام.
· صعود الإضرابات العمالية والاحتجاجات العمالية والتي بلغت ذروتها في مظاهرات عمال المحلة في ابريل 2008 . واتساع الاحتجاجات لتشمل كافة العاملين في كافة القطاعات ومن أهم ما يميز الموجه الإضرابية الحالية :
ـ ارتفاع مشاركة موظفي القطاع الحكومي في الحركة الاحتجاجية والتي يمثل إضراب موظفي الضرائب العقارية لمدة 14 يوم وتكوين نقابتهم المستقلة أحد ابرز التحركات.
ـ إضراب العاملين بالخدمات من أطباء وتمريض ومعلمين وإداريين بالتعليم وأساتذة الجامعات والعاملين بالمراقبة الجوية بالطارات وموظفي البنوك.
ـ اتساع الإضرابات بين عمال القطاع الخاص والاستثماري .
ـ اتساع النطاق الجغرافي ليشمل غالبية محافظات مصر من الإسكندرية حتى أسوان.واتساع الحركة لتشمل مدن القناة خاصة السويس وبورسعيد وكذلك بعض المدن الجديدة مثل العامرية وبرج العرب و6 أكتوبر والسادات والعبور والعاشر من رمضان.
ـ ظهور احتجاجات لأصحاب المعاشات بعد تردي دخولهم والاستيلاء علي مدخراتهم وتآكل مستحقات الخارجين منهم للمعاش المبكر.
· انتهاء عصر سيادة التنظيم النقابي الواحد واتساع الدعوة لتكوين نقابات مستقلة مع تأسيس نقابة الضرائب العقارية وملاحظات منظمة العمل الدولية عن الحرية النقابية في مصر.
· استمرار حصار وتجميد غالبية النقابات المهنية .
هذه أهم ملامح تطور مسيرة الطبقة العاملة المصرية وبنيتها خلال السنوات السابقة . ولكن ما هو التكوين الحالي للطبقة العاملة المصرية ؟

بنية الطبقة العاملة المصرية عام 2009
سنحاول من خلال استخدام الأرقام المنشورة من المصادر الرسمية رصد أهم ملامح التغير في بنية الطبقة العاملة المصرية واهم ما يميز قطاعاتها المختلفة عام 2009. ولعل نتائج بحث العمالة بالعينة والكتاب الإحصائي السنوي الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يمثلون مصدر كافِ للتعرف علي أهم ملامح الطبقة العاملة الآن.يعتمد التحليل علي أكثر من مدخل للتعرف علي بينة الطبقة العاملة عام 2009 ومنها:
التقسيم علي أساس العمل بأجر
المشتغلين في سن العمل والذي يتراوح بين 15 و64 سنة . بلغ عدد المشتغلين عام 2007 في مصر 21.7 مليون عامل منهم 12.7 مليون يعملون بأجر ويمثلون 59% من المشتغلين ، 3 مليون صاحب عمل يديره ويستخدم عمال وهم يمثلون 14% من المشتغلين، 2.9 مليون يعمل لحسابة ولا يستخدم أحد وهم يمثلون 13% من المشتغلين ، 3.1 مليون يعملون لدي الأسرة بدون اجر ويمثلون 14% من المشتغلين.
يستبعد من تقيمنا لبنية الطبقة العاملة وفق هذا التقسيم أصحاب العمل والعاملين لدي الأسرة بدون أجر. بينما يظل لدينا 3 مليون حرفي أو تاجر صغير يعمل لحسابه ولا يستخدم احد وهي فئة رغم أنها لا تعمل باجر إلا أن أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية أقرب للطبقة العاملة ولكننا نستبعدها أيضا ولكنها تظل حليف رئيسي للطبقة العاملة وحركتها الاجتماعية ونقصر توصيفنا علي المشتغلين بأجر فقط كطبقة عاملة وفق المفهوم الواسع.

يتوزع المشتغلين بأجر بين الريف والحضر ولكن في الحضر يشكل الذكور 77% من المشتغلين والإناث 23% بينما في الريف يشكل الذكور 88% والإناث 12% فقط وقد يرجع انخفاض نسبة مشاركة الإناث إلي الذكور في الريف إلي وجود 1.4 مليون أنثي تعمل لدي الأسرة بدون اجر .
يشكل الذكور 83% من المشتغلين بأجر والإناث 17%.
التقسيم حسب قطاع العمل
يساهم قطاع الاستثمار بنحو 2% فقط من المشتغلين بأجر والقطاع التعاوني أقل من 1% من التشغيل ومع التحول الاقتصادي والاجتماعي أصبح القطاع الخاص يشغل 48% من العمالة بأجر والقطاع العام 6% والقطاع الحكومي 43%.
يوجد 5.4 مليون مشتغل بالحكومة المصرية 2.7 مليون منهم بالحضر و 2.6 مليون بالريف 69% من المشتغلين في الحكومة ذكور و 31% إناث.

يبلغ عدد المشتغلين بشركات قطاع الأعمال العام حوالي 800 ألف منهم 492 ألف في الحضر و 307 ألف في الريف.
المشتغلين بأجر في القطاع الخاص منهم 2.9 مليون يعملون داخل المنشآت و 3.2 مليون يعملون خارج المنشآت في القطاع غير المنظم .لذلك عندما نتحدث عن عمال القطاع الخاص فإن القطاع الخاص المنظم داخل المنشآت هو الأسهل في التعامل معه من حيث إمكانيات انضمامه للنقابات العمالية وهو ميدان كبير للعمل العمالي . أما القطاع الخاص غير المنظم أو القطاع الخاص خارج المنشآت فهو الأكثر صعوبة في التعامل معه لأنه متفرق وغير مجمع وبعضه يعود لأصول ريفية وبعضه يرجع لأصول حضرية كالحرفيين وعمال المقاولات ورغم أن عددهم يفوق 3.2 مليون ألا أنهم يحتاجون لإستراتيجية خاصة في التعامل معهم وإدماجهم وتنشيطهم نقابياً وعمالياً.
التقسيم حسب النشاط الاقتصادي
رغم أن التقسيم حسب النشاط الاقتصادي يشمل جميع المشتركين فإنه يمكن الاستدلال من خلاله علي هيكل توزيع المشتغلين بأجر والذي يخضع لنفس تقسيم النشاط الاقتصادي.
يشكل قطاع الزراعة والصيد أكبر القطاعات استيعابا للعمالة حيث يعمل به 6.9 مليون مشتغل يمثلون 32% من المشتغلين في مصر يليه قطاع المناجم والمحاجر والصناعات التحويلية 2.7 مليون يمثلون 13% من المشتغلين و تجارة الجملة والتجزئة 11% ثم 10% لكل من قطاعي التشييد والبناء والتعليم . ثم ياتي قطاع النقل والتخزين والاتصالات 7% والخدمات 5% والصحة والعمل الاجتماعي 3% والفنادق والمطاعم 2%.
تستوعب القطاعات الإنتاجية والسلعية 55% من التشغيل في مصر في الزراعة والصناعة والمحاجر والتشييد والبناء وبما يعني أن ضخ استثمارات في هذا القطاعات لديه فرصة اعلي علي توليد فرص عمل بينما باقي القطاعات الأخرى أقل قدرة علي توليد فرص العمل.
إن الطبقة العاملة وفق المفهوم الكلاسيكي الذي يقصر التعريف علي العمالة الصناعية فإننا نكون أمام طبقة عاملة أقل من 2.7 مليون بينما يتسع حجم الطبقة لو شمل كل العاملين بأجر ليصبح 12 مليون ويبقي تحديد الموقف من العاملين لحسابهم والعمالة في القطاع غير المنظم هي المشكلة الرئيسية التي نواجهها مع توسيع مفهومنا للطبقة العاملة.
التقسيم الجغرافي حسب المحافظات
نحتاج أيضا للتعرف علي توزيع الطبقة العاملة حسب المحافظات واهم مراكز الثقل الجغرافي للطبقة العاملة.حيث نجد أن محافظة القاهرة يعمل بها 2.1 مليون يمثلون 10% من المشتغلين يليها محافظة الجيزة والشرقية والبحيرة 8% ثم الدقهلية 7% والقليوبية والغربية والمنيا 6%.
تغيرت مراكز الثقل بين محافظات الجمهورية بحيث نجد محافظة المنيا متساوية في عدد المشتغلين مع القليوبية التي تضم شبرا الخيمة ومع الغربية التي تضم المحلة الكبري ولكن ذلك يجب ربطه بمعدلات البطالة والفقر ومدي انتشارها لنصل لنتائج أدق حول أوضاع التشغيل بعيداً عن الأرقام الصماء.. كما أن الجيزة والتي تضم 6 أكتوبر قبل انفصالها كمحافظة مستقلة متساوية مع الشرقية التي تضم العاشر من رمضان ومع البحيرة التي تضم احد المراكز التقليدية وهو كفر الدوار .
بعد أن كانت الإسكندرية تمثل أحد أهم مراكز التشغيل في مصر انخفضت حصتها إلي 5% من المشتغلين بما يعكس تأثير الخصخصة وتصفية الصناعات القديمة بالمحافظة وتأثير ذلك علي حجم العمالة بها.
رغم أن محافظة السويس تضم 1% فقط من المشتغلين إلا أنها أصبحت تمثل أحد مراكز النشاط العمالي نتيجة ارتفاع درجة وعي العمال بالمحافظة والتي شهدت العديد من الاحتجاجات الاجتماعية خلال السنوات الأخيرة.
بعد أن عرضنا للتوزيع الجغرافي للمشتغلين نعود مرة أخري لتحليلات أكثر تفصيلاً لقطاعات التشغيل الرئيسية للعاملين بأجر.
العاملون بالقطاع الحكومي
موظفي الحكومة لا يعتبرهم البعض عمال رغم أن تاريخ الموظفين في مصر حافل بالنضالات والكفاحات فلا يمكن اعتبار إضراب موظفي الضرائب العقارية سوي حلقة ضمن سلسلة متواصلة من نضالات موظفي الحكومة منذ العشرينات وحتى الآن.لكن ربما نحتاج لتدقيق أعمق لأوضاع موظفي الحكومة.
قام موظفي الحكومي خلال عام 2007 بأكثر من 64 احتجاج إضافة إلي 58 احتجاج في قطاع التعليم و 42 احتجاج في قطاع الصحة وبذلك تمثل احتجاجات الموظفين 21.8% من إجمالي الاحتجاجات العمالية . ( المرصد النقابي العمالي ـ صعود الحركة العمالية والنقابية المصرية خلال عام 2007 ـ صفحة 198 ).
كما يضيف الباحث العمالي الأستاذ خالد علي عمر أن القطاع الحكومي عام 2007 قام بنحو 47 اعتصام و57 إضراب و 73 تجمهر و36 مظاهرة بما يعني أن القطاع الحكومي قاد 213 احتجاج .كما ان عدد المفصولين من القطاع الحكومي خلال النصف الأول من عام 2007 يقترب من عدد المفصولين من القطاع الخاص .( خالد علي عمر ـ العمال والمقاومة الاجتماعية ـ العدد الثالث).
لذلك أصبح موظفي الحكومة والذين يشكلون 43% من المشتغلين بأجر في مصر يشكلون احد أهم مكونات بنية الطبقة العاملة وهو ما يحتاج منا لمزيد من التحليل لبنية موظفي الحكومة.
تشكل المحليات النسبة الأكبر من موظفي الحكومة ويعمل بها 2.9 مليون موظف يليها الجهاز الإداري والوزارات المركزية 1.8 مليون موظف ثم الهيئات الخدمية 475 ألف موظف . إضافة إلي أكثر من 500 ألف موظف يعملون بعقود مؤقته وقد كانوا موضوع للعديد من الاحتجاجات خلال الأعوام الأخيرة .
يستحوذ قطاع التعليم علي 41.6%من موظفي الحكومة يليه قطاع الدفاع والأمن والعدالة 17.1% ثم قطاع الخدمات الصحية والدينية والقوي العاملة 14.2%. يشكل الذكور 74.1% من موظفي الحكومة والإناث 25.9%.
يخرج من تعداد موظفي الحكومة موظفي شركة الاتصالات وشركات الكهرباء والمياه والصرف الصحي وكذلك موظفي الهيئات الاقتصادية كالسكة الحديد وهيئة النقل العام.
إذا استبعدنا أصحاب الوظائف العليا من مدير عام إلي رئيس قطاع ونائب وزير وعددهم لا يتجاوز 226 ألف موظف يمثلون 4% فقط من موظفي الحكومة فإننا نكون بصدد الحديث عن قطاع يضم أكثر من 5 مليون موظف يشكلون قطاع رئيسي من بنية الطبقة العاملة المصرية بمفهومها الواسع.
تتراوح الأجور الشهرية في الدرجة الممتازة بين 1071 جنيه في المحليات و1744 جنيه في الهيئات الخدمية وفي وظيفة مدير عام بين 2323 جنيه في الجهاز الإداري و 2658 جنيه في الهيئات الخدمية و1569 جنيه في المحليات . أي أن كبار موظفي الدولة لو طبقت عليهم معايير الأجور سنجد أنهم فقراء لو كانوا شرفاء وربما توضح لنا هذه الأرقام أسباب تفشي الفساد في الجهاز الحكومي .
كما أن الحكومة بدأت خلال العقدين الآخرين استخدام سياسة أجور غير واضحة حيث ترفض تحديد الحد الأدنى للأجور وتصر علي بقاء جداول الأجور التي مضي علي بعضها أكثر من 20 سنة مع الاعتماد علي سياسة الأجور المتغيرة كمصدر رئيسي لدخل الموظف وبحيث أصبحت الأجور المتغيرة تمثل ما بين 60% إلي 80% من دخل الموظف وهي التي تخضع لمدي ولاء الموظف ورضاء رؤسائه عنه. وهو وسيلة عقاب لكل من يرفع صوته مطالباً بحقوقه أو حقوق زملائه.
العاملون بالقطاع العام
كانت عمالة القطاع العام تشكل الكتلة الحية في الحركة العمالية في فترات سابقة نتيجة وجود إعداد كبيرة من العمال وفي فترة تجاوز عدد عمال القطاع العام 1.5 مليون عامل وشكلت مناطق حلوان والمحلة وكفر الدوار والإسكندرية بؤر عمالية نابضة لسنوات طويلة . لكن مع صدور القانون رقم 203 لسنة 1991 ودخول الخصخصة مراحل جديدة أطاحت بأكثر من نصف مليون من عمال القطاع العام.
وفقاً لنتائج بحث العمالة بالعينة يبلغ عمال قطاع الأعمال العام حوالي 800 ألف عامل ووفقاً لبيانات نشرة العمالة والأجور بالقطاع العام 2006/2005 يوجد 677 ألف عامل دائم و 116 ألف عامل مؤقت في شركات القطاع العام.
يعمل 43% من عمال القطاع العام بالصناعات التحويلية بنحو 290 ألف عامل يليه قطاع الكهرباء والغاز والبخار وإمدادات المياه 166 ألف عامل يمثلون 25% من العمالة الدائمة بالقطاع العام ثم 11% في الوساطة المالية و 95 في النقل والتخزين والاتصالات و5% في صناعة الإنشاءات والتشييد.
أما العمالة المؤقتة فنجد 49% منها في قطاع الإنشاءات والتشييد والبناء و و18% في الصناعات التحويلية و 10% في كل من النقل والتخزين والكهرباء والغاز والمياه. ولا يزال قطاع الصناعات التحويلية العام يمثل الكبر القطاعات تشغيلاً للعمالة يليه قطاع الغاز والكهرباء والمياه ثم الإنشاءات والتشييد.
قاد عمال القطاع العام خلال عام 2007 94 اعتصام و 73 إضراب و58 تجمهر و 39 مظاهرة أي أكثر من 264 احتجاج عمالي ( خالد علي عمر ـ العمال والمقاومة الاجتماعية ـ العدد الثالث) .
جاء عمال قطاع الأعمال في طليعة القطاعات التي حدث فصل وتشريد لعمالها أكثر من القطاعين الحكومي والخاص . وقد بلغ عدد العمال الذين تم فصلهم وتشريدهم من العمل خلال النصف الأول من عام 2007 أكثر من 87 ألف عامل .ليظل عمال القطاع العام رغم كل المعاناة في طليعة الطبقة العاملة المصرية.

العمالة في شركات الاستثمار
حاولت الحكومة تقديم شركات الاستثمار باعتبارها المنقذ من الأجور المتدنية في القطاع العام حيث تقدم أجور أعلي رغم عدم التزامها بنظام التأمين الاجتماعي واللجوء إلي التأمين علي العمال بالحد الأدنى للأجور وحرمانهم من التأمين الصحي والسكن المناسب . ولكن كفاح عمال شركات الاستثمار في بورسعيد والسويس والإسكندرية وفي مدينة السادات و6 أكتوبر والعامرية وبرج العرب والعاشر من رمضان أكدت أن وعي عمال شركات الاستثمار بادئ في التشكل وان المواجهة قادمة لا محالة.
تم علي مدي السنوات الماضية وحتى عام 2003 تأسيس 13712 شركة استثمار موزعة علي مختلف المحافظات برأسمال 129.5 مليار جنيه وتكاليف استثمارية تتجاوز 218 مليار جنيه ووفرت 952 ألف فرصة عمل .
وفرت شركات الاستثمار 137 ألف وظيفة في المحافظات الحدودية و 110 ألف وظيفة بالمدن الصناعية في المحافظات و99 ألف وظيفة في الوجه البحري و44 ألف وظيفة في الوجه القبلي ، و94 ألف وظيفة في محافظة الجيزة و37 ألف وظيفة في الإسكندرية و14 ألف وظيفة في القاهرة . ويعكس ذلك الانتشار الجغرافي لمشاريع الاستثمار خارج القاهرة.
تم علي مدي السنوات الماضية وحتى عام 2003 تأسيس 4151 شركة استثمار في المدن الجديدة برأسمال تجاوز 31.6 مليار جنيه وتكاليف استثمارية تصل إلي حوالي 52 مليار جنيه ووفرت 328 ألف فرصة عمل.
تتوزع العمالة في قطاع الاستثمار علي 10 مدن جديدة وتستحوذ مدينتي السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان علي حوالي 52% من العمال بشركات الاستثمار يليها مدينة العامرية 17.3% ثم مدينة العبور 11.6% وتتوزع النسب الباقية علي المدن الأخرى وتعتبر مدينة الصالحية أقل المدن استيعاباً للعمالة ربما يرجع ذلك لطبيعة المشروعات الزراعية بالمدينة إضافة إلي توقف حركة التنمية بها لفترة طويلة .
تختلف تكلفة فرصة العمل من مدينة إلي أخري وتصل إلي اعلي معدل في مدينة السادس من أكتوبر 221 ألف جنيه بينما تصل إلي 69.6 ألف جنيه في الصالحية ، ويتراوح متوسط عدد عمال الشركة بين 270 عامل في الشركات بالعامرية إلي 48 عامل في مدينة برج العرب الجديدة.
لم تستطيع 1135 شركة استثمار في مدينة السادس من أكتوبر توفير أكثر من 84.5 الف فرصة عمل وهو ما كانت توفره 10 شركات قطاع عام في حلوان أو المحلة أو كفر الدوار وبما يعكس اعتماد شركات الاستثمار علي التكنولوجية المرتفعة والعمالة الأقل .
حرصت شركات الاستثمار علي عدم توفير مساكن للعمال مما يجعل العمال يقضون ما بين 3 و5 ساعات يومياً في الذهاب والعودة من العمل إضافة لحرمانهم من تشكيل النقابات العمالية ضمن حوافز الاستثمار وهو ما يخالف كافة المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر . وكذلك غياب التأمين الصحي والتأمين الاجتماعي وهو ما يجعل من عمال قطاع الاستثمار موضع للاحتجاجات الاجتماعية من اجل تحسين ظروف وشروط عملهم .


العمالة بالقطاع الصناعي
تعد الطبقة العاملة الصناعية وفق المفهوم الكلاسيكي هي فقط الطبقة العاملة ولذلك حرصنا في ختام تحليلنا لتطور بنية الطبقة العاملة الاعتماد علي أكثر من مصدر بيانات لمعرفة هيكل الطبقة العاملة الصناعية الآن.سواء وزارة التخطيط أو الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أو هيئة التنمية الصناعية.

ارتفع عدد عمال قطاع الصناعات التحويلية من 2.1 مليون عامل عام 2001/2002 إلي 2.2 مليون عامل عام 2002/2003 ثم 2.3 مليون عامل عام 2003/2004 ووصل إلي 2.4 مليون عامل عام 2004/2005 يعمل 15% منهم بالقطاع العام و 85% يعملون بالقطاع الخاص.
يوجد 352 ألف عامل صناعي في القطاع العام و2 مليون في القطاع الخاص وفق بيانات وزارة التخطيط لعام 2004/2005 . كما أن بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء توضح وجود 311 ألف عامل بالقطاع العام منهم 290 ألف في وظائف دائمة و 21 ألف عمالة مؤقتة.
يوجد 102 ألف عامل في قطاع الغزل والنسيج بالقطاع العام يمثلون 33% من عمال الصناعات التحويلية بالقطاع العام و 66 ألف عامل بالصناعات المعدنية و59 ألف بالصناعات الغذائية و39 ألف بالصناعات الكيماوية و23 ألف في صناعة الدواء و21 ألف في الصناعات الهندسية بالقطاع العام.
جاءت بيانات هيئة التنمية الصناعية لتوضح وجود 41.9 ألف مصنع في مصر موزعة علي مختلف محافظات مصر ويعمل بها 1.7 مليون عامل .تضم القاهرة 23% من المصانع المرخصة يليها الشرقية والقليوبية ثم الإسكندرية والجيزة ثم باقي المحافظات. ومن حيث عدد عمال الصناعة فإن 19% منهم يعملون في القاهرة و 13% في الإسكندرية و الشرقية و12% في الجيزة وتتوزع باقي العمالة علي باقي المحافظات.
هذه بعض القراءات الإحصائية لتوزيع الطبقة العاملة الصناعية حسب المحافظات وفق عدد من مصادر المعلومات . ووفق لتقرير المرصد العمالي فقد كان القطاع الصناعي عام 2007 مصدر للعديد من الاحتجاجات الاجتماعية التي بلغت 56 احتجاج في الصناعات الهندسية والمعدنية و 33 احتجاج في الصناعات الكيماوية و73 في صناعة مواد البناء والتشييد و3 احتجاجات بين عمال المناجم والمحاجر و 137 احتجاج بين عمال الغزل والنسيج و 62 احتجاج لعمال الصناعات الغذائية و 7 لصناعة الورق والمطابع لتظل الطبقة العاملة الصناعية في طليعة الحركة الاحتجاجية في مصر.

النتائج
توصلنا من خلال الدراسة إلي حدوث العديد من التغيرات في الأوزان النسبية المكونة للطبقة العاملة المصرية عبر تطور الطبقة العاملة المصرية وتبدل في مواقع القيادة وكذلك في الصناعات والقطاعات الرائدة وكذلك المدن الأكثر احتجاجاً . وحاولنا طرح مفهوم واسع للطبقة العاملة المصرية يتسع ليشمل كل العاملين بأجر مما يوسع من حجم ومفهوم الطبقة العاملة . كما حاولنا رصد الحركات الاحتجاجية بأشكالها المختلفة لمختلف مكونات الطبقة العاملة .
كذلك حاول الباحث التعرف علي مكونات الطبقة العاملة المصرية في عام 2009 وتقسيمها بين القطاعات الاقتصادية المختلفة وأهم مراكز الثقل الحالية علي مستوي القطاعات أو علي مستوي المدن وقد اتضح من خلال الدراسة أن موظفي الحكومة والذي كان يتم استبعادهم في كثير من الدراسات من اعتبارهم عمال وتصنيفهم ضمن البرجوازية الصغيرة رغم أنهم يعملون باجر . وقد أوضحت التحركات الاحتجاجية الأخيرة أن القطاع الحكومي كان الأكبر من حيث عدد الاحتجاجات ، كما أن إعلان النقابة المستقلة لموظفي الضرائب العقارية لم يأتي من عمال الصناعة ولكن جاء من بين صفوف الموظفين . كما أن تحركات أعضاء هيئات التدريس والأطباء والمعلمين والإداريين بالتعليم تؤكد حيوية موظفي الحكومة وتبلور حركتهم خارج النقابات الرسمية .
يبقي أن عمال القطاع الخاص وتطور العمالة في شركات الاستثمار يحتاج الي المزيد من البحوث التي تحلل مختلف جوانب العمل بالقطاع الخاص وأهم مكوناته واهم المشاكل التي تواجهه وكيف يمكن التعامل معه . وتظل مشكلة العمالة بالقطاع الخاص غير الرسمي أو العمالة خارج المؤسسات تشكل معضلة تجاه تبلور الطبقة العاملة والأشكال التنظيمية المعبرة عنها . ويحتاج ذلك لمزيد من الجهود البحثية تجاه طبيعة العمالة في القطاع غير المنظم ومزيد من البحوث التطبيقية علي قطاعات مختلفة منه بما يساهم في فهم أعمق لطبيعة هذا القطاع من الطبقة العاملة المصرية .
لقد اجتهدت في التعرف علي التطور في بنية الطبقة العاملة وارجوا أن أكون قد اقتربت من رسم صورة حقيقية لواقع الطبقة العاملة الآن من أجل كثير من الفهم .
إلهامي الميرغني
25/4/2009