يسأل البعض هل يوجد لدي الرأسمالية المصرية الحاكمة سياسة زراعية في ظل كل ما نعانيه . الاجابة بالتأكيد لدينا سياسة زراعية واضحة ومحددة وتنفذها الحكومة بكل دقة والتزام ، سياسة تعتمد علي تحرير المحاصيل الزراعية وتحرير الاسواق ، سياسة تفتح المجال لرأس المال المصري والعربي والأجنبي ولدينا عشرات الشركات الجديدة التي تعيث في الارض فساداً .سياسة دمرت التعاونيات الزراعية واغرقت الفلاحين في الديون لبنك التنمية ، سياسة تتوسع في استخدام الاسمدة الكيماوية والمبيدات ولا تهتم بمستقبل الزراعة بل يهمها حجم الارباح الذي يمكن ان تحققه.
سياسة تحول كل شئ الي سلعة ولا تحرص علي موارد مصر الطبيعية والتي هي ملك للاجيال الحالية والقادمة. لقد فقدنا منذ عام1960 حتي الآن أي علي مدي45 عاما مليون ونصف مليون فدان من الأراضي الزراعية الخصبة ونفقد سنويا60 ألف فدان حسب تقدير وزارة الزراعة بسبب الامتداد الخرساني وبهذا المعدل فمن المتوقع أن نفقد الاراضي الزراعية كلها في المستقبل غير البعيد في المدة ما بين2070 الي2100. الاهرام 26/11/2005
السياسة الزراعية تعتمد علي تدمير الأرض الزراعية فقد أعلن أمين أباظة وزير الزراعة موافقته علي بناء مجازر للدواجن علي الاراضي الزراعية مشيراً إلي أن الوزارة سوف تتولي تدبير الأماكن لها وكان وزير الاسكان قد أصدر قراراً عام 2001 بالزام أصحاب المجازر بالانتقال خارج الكتلة السكنية ثم عاد ومنحهم عام 2002 مهلة زمنية خمس سنوات للانتقال خارج الكتلة السكنية.
جريدة الوفد 18/12/2006
كما فجر أمين أباظة مفاجأة بقوله: إنه من المفروض ألا تركز وزارة الزراعة علي المحافظة علي الرقعة الزراعية، لأنها ليست المسؤولية الوحيدة لها، حيث يوجد العديد من الجهات الأخري تشاركها هذه المسؤولية، وقال: إن هناك بعض المناطق في الدلتا تحولت فيها الأراضي الزراعية إلي متخللات داخل الكتلة السكنية مما يؤثر علي إنتاجيتها الزراعية. وقال أمين أباظة إن وزارة الزراعة لا تعترض علي توسع المناطق الصناعية للبناء علي الأراضي الزراعية، مشيراً إلي أن فدان الأراضي الزراعية يحتاج إلي عشرين فرداً من الأيدي العاملة بينما يبلغ في حالة بناء المصانع أكثر من ألفين من الأيدي العاملة مما يساهم في حل الكثير من مشاكل البطالة. المصري اليوم 27/1/2007
هذه هي استراتيجية الزراعة التي تعتمدها الرأسمالية والتي تدفع بعض اجنحتها للاختلاف معها كما حدث مع محافظ القاهرة الدكتور عبد العظيم وزير عندما كشفت قرارات الإزالة التى أصدرها محافظ القاهرة ضد ملاك عقارات منطقة درا السلام لمخالفتهم القانون وبنائهم أبراجا بدون ترخيص، عن العديد من المفاجآت الخاصة بالأراضى التى تم البناء عليها حيث أعلن وزير أنه قد تقدم ببلاغ للنائب العام ضد ملاك هذه العقارات لبنائهم على اراضى زراعية رخوة لا تصلح للبناء وتتسبب فى انهيار المبانى وموت المواطنين تحت انقاضها.كما فجر محافظ القاهرة مفاجأة ثانية إثر إعلانه تبعية الأراضى لولاية هيئة الإصلاح الزراعى التابعة لوزارة الزراعة، وأنه سيقاضى وزير الزراعة أمين أباظة وهيئة الإصلاح الزراعى لتواطئهم مع الملاك فى البيع ومنح تراخيص بناء على أراضٍ تمثل خطورة فى البناء عليها، واتهم وزير موظفى الإصلاح ووزير الزراعة بإهدار المال العام.
لم تقتصر السياسة الزراعية علي مجرد استنزاف الأرض الخصبة والمياه واجهاد الاراضي الحالية سعياً للارباح والاسعار العالمية بل ويمتد للتركيب المحصولي فبعد ان كانت مصر تزرع 2 مليون فدان قطن في بداية الخمسينات انخفضت الي 1.5 مليون فدان في السبعينات وتراجعت المساحة المزروعة الي 350 ألف فدان فقط. ولا يري وزير الزراعة مشكلة في ذلك بل يراه شئ ايجابي كما صرح بذلك في مجلة الأهرام الاقتصادي قائلا: البعض يري أن التراجع في مساحة القطن المزروعة ظاهرة سلبية في حين أنها من وجهة نظري صحية وايجابية حيث يجب انتاج السلع المطلوبة للأسواق بكفاءة وجودة عالية ، والقطن المصري كان مطلوبا في الاسواق العالمية في الماضي لانخفاض تكلفته وارتفاع عائده ومع مرور الوقت زادت التكلفة وثبت العائد تقريبا، بل ربما تراجع كذلك هامش الربح في حين زاد في محاصيل أخري. مجلة الاهرام الاقتصادي ـ العدد 2117 ـ 3/8/2009
المهم هو مطالب الاسواق العالمية لكن احتياجات صناعة الغزل والنسيج غير مهمة ، واحتياجات المصريين من الملابس غير مهمة فيمكن ان نستورد احتياجاتنا من الخارج بالسعر العالمي وليتفاقم عجز ميزان المدفوعات وحتي لو لم نجد ملابس لنا المهم عندهم هو حرية السوق والاسعار العالمية.
إن أمين اباظة يعبر بصراحة عن مصالح طبقته حيث أن الطبقات الأخري لم تطرح برامجها الزراعية وتدعوا لها. الا نجد ذلك مهمة كبيرة لكل دعاة التغيير.هل نبدأ في انجازها ام سنكتفي بالشعارات العامة ووقفات السلالم ويسقط يسقط بي، نما الاغنياء يزدادون غني والفقراء يزدادون فقراً .الا قد بلغت اللهم فاشهد