الخميس، 20 نوفمبر 2014

بوفيه محطة المنيا
زمان كانت محطة المنيا زى كثير من محطات مصر خليط من نمط العمارة الانجليزي وأنماط أخري متجاورة.لكن أهم ما كان يميز محطة المنيا هو ذلك السلم الرخامي العريض الذي يزيد عرضه علي عشر أمتار بارتفاع ثلاثة أدوار .
وعندما تصل المحطة وتنظر من أسفل تبدو  لنا كافتيريا محطة المنيا في قمة السلم علي اليسار بينما غرفة ناظر المحطة والمعاون وبعض المكاتب الإدارية علي اليمين.
في ميدان المحطة كان مقهى سافوي في الواجهة ،ومقهى أبو جلال في يسار الميدان.
ومقهى أبو جلال لمن لا يعرفه ليس مقهي عادي يقدم المشروبات والشيشة المعسل مثل باقي المقاهي.بل أنه يقدم طبق من الفول المدمس بطعم مميز وسلطنية زبادي فخار وكوب من اللبن الحليب الدافئ كان هذا أهم ما يميز هذا المقهى. ثم تنحني يمينا إلي محل صغير لا تزيد مساحته علي سبع أمتار هو مقر المعلم" فكورة " متعهد الصحف الرئيسي في المدينة.
كنا ونحن في صدر الشباب نتنقل طوال الليل من منزل إلي آخر ومن مقهى إلي آخر خاصة في ليالي الشتاء الطويلة ومناقشات حامية في الفن والثقافة والسياسة. وبرد الشتاء في المنيا قارص بشكل لا يمكن وصفه إلا لمن عايشه.وعندما يستبد بنا الملل وتعجز حوائط منازلنا علي التخفيف من حدة المناقشات بين مجموعة الأصدقاء يصبح من الضروري النزول للشارع بعد منتصف الليل ،حيث أغلقت المحلات والمقاهي أبوابها ولكننا نعرف طريقنا وتقودنا أقدامنا إلي بوفيه محطة المنيا.فهو المكان الوحيد الذي نضمن انه مفتوح علي مدار ساعات اليوم يستقبل الجميع.نلهو ونصرخ ونحن نصعد درجاته الطويلة متسابقين. وتغمرنا السعادة ونحن ننزله انزلاقاً علي الدرابزين بينما جنود الشرطة وعمال المحطة يتصايحون " مش عيب الأفندية المتعلمين ينزلو السلم زحلجة " . وكنا نحييهم نضحك وننصرف.
في البوفيه تجد فنجان من القهوة أو كوب من الشاي الدافئ في ليل المدينة الصامت، وسكونها الذي تظنه الموت، ونكمل حواراتنا الساخنة التي لم تنتهي.
عادة كنا ننتظر وصول قطار الصحافة في الساعة الثالثة صباحاً إلي محطة المنيا . ثم ننتظر تحميل الصحف إلي دكان المعلم " فكورة " وعد الصحف وبعد أن يستقر الحال ويبدأ السريحة يحملون صحفهم لينطلقوا ننزل سلم المحطة لنأخذ صحف الغد ويتفرق الجمع.يذهب كل منا لمنزله ليعد كوب جديد من الشاي ـ كانت الشلة قد اصطلحت علي تسميته " تباشير الصباح " – نحتسيه ونحن نطالع صحف الغد حتى يغلبنا النوم.
إلهامي الميرغني
20/11/2014


الخميس، 24 يناير 2013


إبداع 25 يناير 

ظلت الحركة الوطنية تعيش علي ابدعات سيد درويش وبديع خيري والشيخ يونس القاضي لسنوات طويلة ، ثم جاءت 1956 فغنت مصر مع كمال عبدالحليم انا النيل مقبرة للغزاة ، وعندما حدثت النكسة غني عبدالحليم حافظ رائعة الابنودي عدي النهار .
ومن قلب خنادق المقاومة عرفنا الريس غزال واولاد الأرض وغنينا معهم عضم ولادنا نلمه نلمه نسنه نسنه ونصنع منه مدافع وندافع ونجيب النصر هدية لمصر ، وغنينا كلمات نبيلة قنديل وعلي اسماعيل ماشيين ماشيين ماسكين في ايدنا سلاح.
ومع مطلع السبعينات كان الشيخ أمام واحمد فؤاد نجم هم رمز ابدعات المرحلة مع زين العابدين فؤاد وسمير عبدالباقي وعدلي فخري وأخرين .
لكن منذ الثمانينات وحتي 2010 لم نجد ابداعات جديدة رغم كل المحاولات الجادة التي حاصرها الاعلام الفاسد . وكنت اتعجب ان تغني الفرق الشبابية الجديدة اغاني نجم وامام واشعر انهم شباب يلبسون بنطلون شورت وطربوش . ولم استمتع بهذه المحاولات.
عندما تفجرت ثورة يناير كانت هناك فرق غنائية كانت جزء من الثورة مثل حالة واسكندريلا ووسط البلد وكايرو كي وعرفنا رامي عصام ، وامير عادل ومصطفي سعيد.
وبجانب شعراء جيلنا الأبنودي وزين العابدين فؤاد عرفنا تميم البرغوتي ومصطفي إبراهيم ومايكل عادل وجيل من الشباب المبدعين الذين عبرو عن روح الثورة .

عندما بدأ الاعتصام كانت الجموع تغني اغاني نجم وامام لتدفئ برد الليل الشتوي ، ولكن عندما انتهي الاعتصام في 11 فبراير كنا امام حالة جديدة وجيل جديد من المبدعين هم المعبر الحقيقي عن ثورة 25 يناير .

وكما كان عبدالله النديم شاعر الثورة العرابية اصبح لدينا تميم ومصطفي وجيل من شعراء الثورة .
في لحظات الأزمات تولد الابداعات التي تعبر عنها .
تحية لكل مبدعي 25 يناير في كافة مجالات الفن .
وتحية الي الصديق العزيز محمد هاشم والصديق العزيز زين العابدين فؤاد وكل من ساعد علي تحقيق التواصل بين اجيال المبدعين والثورة.
والمجد للابداع والفن ولاصحاب عروض كاذبون والجرافيتي روح ثورة 25 يناير وضميرها الحي .
وكل عام ومصر مستمرة في ثورتها

إلهامي الميرغني 
25/1/2013

الأربعاء، 16 يناير 2013


القروض والخصخصة والسكك الحديدية

منذ سنوات بدأت خطة خصخصة المرافق والخدمات العامة والتي بدأت بتغيير قانون الموازنة العامة للدولة بالقانون رقم 11 لسنة 1979 والذي اخرج موازنة الهيئات الاقتصادية من نطاق الموازنة العامة للدولة ومنها هيئة سكك حديد مصر.كما تم تعديل القانون رقم 152 لسنة 1980 الذي اعتبر هيئة السكك الحديدية هيئة اقتصادية حكومية ليسمح للقطاع الخاص بالمشاركة في تطوير أنشطة الهيئة. واكثر منذ ذلك سمح للهيئة بالحصول علي قروض مباشرة من جهات تمويل دولية أو ترك التعامل بينها وبين البنك الدولي بدون رقابة من الدولة.
عام 2009 حصلت مصر علي قرض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير ( البنك الذي رفض تمويل السد العالي ) بقيمة 270 مليون دولار لتطوير هيئة السكك الحديدية وصدر بالقرض القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2009 . وبدلاً من توجيه القرض لتمويل تطوير حقيقي لمرافق الهيئة من قطارات واشارات وخطوط سير وصيانة انفق القرض علي تجديد بعض المحطات مثل محطات القاهرة وسيدي جابر وغيرها واهدرت ملايين في فساد عقود المقاولات الخاصة بتجديد المحطات.
كما حصلت الهيئة في عام 2010 علي قرض أخر من البنك الدولي بقيمة 330 مليون دولار بغرض تحسين كفاءة وسلامة خدمات السكك الحديدية وإمكانية التعويل عليها من خلال الاستثمار في تحديث نظم الإشارات وتجديد خطوط السكك الحديدية ، وتحديث ممارسات الهيئة المتصلة بالإدارة والتشغيل. والتحديث وفق لعرف البنك الدولي ومن لف لفه مقصود به التجهيز للخصخصة.لذلك بدء تقسيم الهيئة إلي شركات مثل شركة عربات الأكل والنوم ، وشركة الخدمات المتكاملة للتأمين والنظافة، الشركة المصرية لمشروعات السكك الحديدية والنقل (ERJET ) وغيرها من الشركات.
لم يتغير الوضع بعد الثورة واستمرت سياسات القروض الخارجية والافساد والخصخصة،وقد صرح أشرف العربى وزير التخطيط والتعاون الدولى، إن الحكومة تستهدف إصلاح المنظومة المالية والإدارية الخاصة بهيئة السكك الحديدية من خلال ضخ استثمارات بقيمة 600 مليون دولار على هيئة قروض مقدمة من البنك الدولى و180 مليون دولار أخرى من الجانب الأوربى. ( اليوم السابع يوم 25 - 11 – 2012) . لم تكتفي الحكومة الجديدة بالقروض القائمة بل أضافت إليها 780 مليون دولار أي ما يعادل 4.7 مليار جنيه.والتطوير تقوم به شركة أجنبية لإعادة هيكلة الهيئة وتجهيزها للخصخصة.
تشكل القروض مجال هام للفساد بجانب عقود الشراء والمقاولات الفاسدة ومن اموال القروض تم شراء 40 جرار من شركة جنرال اليكتريك الأمريكية بقيمة 2 مليار جنيه قبل الثورة وعندما بدء الاعلام يلاحق الصفقة في عهد وزارة محمد منصور شيفورليه تم حرق إدارة العقود والمشتريات في الهيئة لاخفاء معالم الجريمة.
ذكر يحيى ابراهيم نائب رئيس هيئة السكة الحديد للشئون المالية والاقتصادية أن هيئة السكة الحديد تحتاج 5 مليارات جنيه ميزانية سنوية فورية التمويل لضمان تنفيذ خطة التطوير العشرية ، واكد ابراهيم أن الهيئة اعدت دراسة بأبرز المشكلات الاقتصادية والمالية التى تواجه السكك الحديدية فى مصر تقترح تمويل الخطط التى يتم إعدادها خلال الفترة المقبلة عن طريق سلة تمويلية تشارك فيها البنوك المصرية والأجنبية لتمويل الهيئة بـ 50 مليار جنيه على مدار الـ 10 سنوات المقبلة. وتتبنى الدراسة مقترحاً بزيادة سعر التذكرة فى ساعات الذروة الصباحية والمسائية وفى الأعياد والعطلات الرسمية لإعادة توزيع الركاب على القطارات. ( جريدة البورصة 11 ديسمبر 2012 ).
هكذا تكتمل حلقات المخطط قروض فاسدة يقودها البنك الدولي لتفكيك الهيئة وتكبيل مصر وهو مستمر في ظل الحكومة الأخيرة ولكن الهدف هو تفتيت الهيئة لشركات ثم رفع سعر تذكرة الركوب علي الركاب الفقراء.هذا هو جوهر سياسات ما يسمونه اصلاح التمويل بالهيئة.
وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والكتاب الاحصائي السنوي لعام 2012 انخفض عدد القطارات من 452 ألف عام 2001 الي 382 ألف عام 2010 ، انخفض عدد ركاب السكك الحديدية من 424 مليون الي 293 مليون ليس بسبب ارتفاع دخل الركاب أو انهم اصبحوا اغنياء ويملكون سيارات خاصة ولكنه نتيجة انخفاض عدد القطارات السياحية من 24 الف قطار الي 9 الاف قطار بينما زادت القطارات المكيفة من 20 الف قطار الي 27.4 الف قطار.اي يتم تقليص اعداد القطارات لصالح القطارات المكيفة.كما ارتفع عدد حوادث القطارات من 1043 حادث عام 2005 الي 1577 عام 2009 و 1057 عام 2010 ووصل الي 837 عام 2011.
منذ إضراب سائقي القطارات عام 1986 والذي انتهي ببراءة جميع السائقين والذي جاء في منطوق الحكم " والمحكمة وقد استقر فى وجدانها أن ذلك الإضراب ما كان يحدث من تلك الفئة من العمال – وقد كانت مثالا للالتزام والتضحية – إلا عندما أحست بالتفرقة فى المعاملة والمعاناة عن كاهل فئات الشعب حتى لا يستفحل الداء ويعز الدواء" .
واستمرت نضالات سائقي وعمال السكك الحديدية ومترو الأنفاق منذ 1986 وحتي الآن تطالب بمواجهة الفساد وإصلاح الهيئة دون مجيب. لو تاملنا مطالب عمال السكك الحديدية ومترو الانفاق بعد الثورة نجدها تتحدث عن التطهير من الفساد وتطوير الخطوط والمزلقانات والاشارات وتطوير الخدمة بجانب تحسين الأوضاع المادية للعمال ليكونوا قادرين علي أداء عملهم.ورغم ذلك يتهمون بالفئوية.
إن حوادث القطارات من قطار البدرشين منذ شهور إلي تصادم قطاري الفيوم ثم حادث مزلقان منفلوط واخيرا حادث البدرشين كلها تؤكد ما طالبت به النقابات المستقلة في كفاحها من أجل التطوير والتطهير من الفساد.
لذلك فإن التصدي لمخطط الديون والخصخصة والفساد هو مسئولية مشتركة بين عمال السكك الحديدية وركاب القطارات.علينا ان نشكل روابط ولجان شعبية لمراقبة إداء مرفق السكك الحديدية وكافة المرافق والخدمات العامة، لنضع معايير لجودة الخدمة ونفرض علي إدارة المرافق والخدمات العامة مشاركة المنتفعين في إدارة هذه المرافق الحيوية.مصر ليست عزبة.علينا ان نتحرك لوقف نزيف الدماء المصرية من علي قضبان السكك الحديدية.

إلهامي الميرغني
16/1/2013


الأحد، 13 يناير 2013


ظلم الباعة الجائلين في دولة الأخوان المسلمين


في 6 ديسمبر 2012 اصدر الرئيس مرسي القانون 105 لسنة 2012 بشان الباعة الجائلين 
وجعل عقوبة البيع الجائل 1000 جنيه غرامة وحبس 3 شهور 
وعند تكرار المخالفة غرامة 5000 جنيه وحبس 6 شهور 
الحبس عقوبة غ
ير موجودة للباعة الجائلين في اي دولة محترمة في العالم
قيمة الغرامة في بلد الحد الأدني للأجور في الحكومة 700 جنيه ويقل لدي الالاف عن ذلك يعني كارثة وظلم كبير
لو نظرنا الي دول الخليج وقيمة الغرامة منسوبا الي مستوي الأجور والدخول نجد الآتي :
المملكة العربية السعودية الحد الأدني للغرامة 200 ريال والحد الأقصي 500 ريال وفي حالة العودة تضاعف قيمة الغرامة
في دولة الكويت الغرامة تتراوح بين 100 دينار و 300 دينار
في البحرين الغرامة لا تقل عن 20 دينار ولا تتجاوز 50 دينار
وفي الأردن تتراوح الغرامة بين 50 دينار و 100 دينار كحد أقصي
لا يوجد حبس للباعة الجائلين في اي دولة غير دولة الأخوان
الباعة الجائلين لن يكونوا اضحية عصر النهضة
وهم الآن ينتفضون في كل المدن المصرية للدفاع عن حقهم في لقمة عيش شريفة
ولإسقاط قانون مرسي الظالم
عاش كفاح الباعة الجائلين
شرفاء مصر الباحثين عن لقمة عيش شريفة في عصر فاشية الأخوان




إلهامي الميرغني
13/1/2013http://www.tahreerparty.net/news/46/573/%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%BA%D9%86%D9%89_%D9%8A%D9%83%D8%AA%D8%A8__%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%B9%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D9%84%D9%8A%D9%86_%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9_%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D8%A7%D8%AC_%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D8%AC_%D9%85%D9%86_%D9%86%D9%88%D8%B9_%D9%85%D8%AE%D8%AA%D9%84%D9%81

الخميس، 27 ديسمبر 2012


إعادة تشكيل الحلف الرأسمالي الحاكم


منذ سقط مبارك ومجموعته القيادية وهناك فك وتركيب مستمر في تركيبة الحلف الرأسمالي الحاكم في مصر
بعد سنتين من ثورة يناير سقطت امبراطورية عز من قيادة سوق الحديد لنشهد صعود أبو هشيمة ليتصدر صناعة الحديد مع عودة رامي لكح ودخوله ضمن التركيبة الأخوانية الجديدة للسوق
هناك خروج لبعض الكيانات الرأسمالية المصرية مثل محمد منصور الذى باع سوبر ماركت مترو وخير زمان ، ونجيب ساويرس الذي باع قناة اون تي في وهناك حركة بيع لبعض الكيانات الرأسمالية الكبري بما يبشر بهروبها خوفا من صعود القوي الاسلامية واحتكارها للسوق وتشكيل حلف رأسمالي جديد
كما ان دخول رؤوس الأموال الخليجية مثل استحواذ الامارات وقطر علي كبريات البنوك المصرية مثل البنك الوطني للتنمية واستحواذ الفطيم علي مترو وخير زمان بجانب كارفور
يتضح من خلال التغيرات التي تمت علي مدي العامين الماضيين ان الاستثمار الاسلامي الخليجي الاخواني يركز علي قطاعي التجارة والعقار
وهناك مفاوضات يقودها المهندس حسن مالك مع المغربي وهشام طلعت مصطفي للتصالح والعودة كشركاء ضمن المشروع القائم
هناك عشرات بل مئات التفاصيل التي تعكس تشكيل الحلف الرأسمالي الجديد في مصر بطبعته الاسلامية .
لكن أهم ما يميز هذه التحركات:
- قوة الرأسمالية البيروقراطية التي نمت علي الفساد في عهد مبارك والتي يتم التزاوج بينها وبين الرأسمالية الملتحية حالياً
- استمرار الطابع الريعي للاقتصاد المصري وضعف القطاعات الانتاجية ومعاناة المستثمرين الوطنيين في الزراعة والصناعة
- استمرار التبعية للمراكز العالمية وتوجيهات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي
- استمرار اهدار الموارد الوطنية والتوسع في الديون التي تخدم اعداء السيادة المصرية
- تحميل أعباء الازمة للعمال والفلاحين وفقراء المدن والريف في مصر
- الاستمرار في دعم رجال الأعمال علي حساب العمال
- تجهيز مجموعة تشريعات تقود للمزيد من الافقار للمصريين
المشكلة ليست استبدال مرسي بمبارك او حرق الحزب الوطني ليأتي حزب الحرية والعدالة لبنفذ نفس السياسات
المشكلة في النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي يفرض علينا
المشكلة في ان صنع القرار يتم في واشنطن وبروكسل وليس في القاهرة
المشكلة ان الفقراء هم من يدفعون الثمن
لذلك الثورة مستمرة 


إلهامي الميرغني
27/12/2012

الأربعاء، 5 ديسمبر 2012


الدستور التركي ومشروع دستور الإسلاميين في مصر

تركيا دولة يعتبرها الإسلاميين نموذج وقدوة، يبلغ عدد سكان تركيا 73.6 مليون نسمة ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لها 1.1 تريليون دولار وذلك يضعها ضمن الاقتصاديات الكبرى في العالم .صدر الدستور التركي المعمول به حالياً في عام 1982 وأدخلت عليه عدة تعديلات آخرها في 10 مايو 2007. 
تركيا دولة علمانية حيث لا يوجد دين رسمي للدولة كما أن الدستور التركي يؤمن حرية المعتقد والدين حيث يدين غالبية سكان تركيا بالإسلام، فحسب الإحصاءات فإنهم يشكلون 97% من السكان. ويعتقد أن ما بين (85-90%) منهم يتبعون الطائفة السنية، بينما (10-15%) شيعة علويين. كما يدين ما بين 0.6%-0.9% بالمسيحية وتعتبر الكنيسة الأرثوذكسية أكبر الطوائف مسيحية في تركيا، ويعتنق حوالي 0.4% اليهودية وأغلبهم سفارديم.
رغم التنوع الموجود في تركيا لم يفرض الدستور التركي علي باقي المسلمين الشيعة والأكراد الفقه السني كما حدث في مشروع الدستور المصري المادة 119 :
" مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة".
ينكر مشروع الدستور المصري حقوق المسلمين غير السنة من الشيعة والديانات الأخرى ويقصر الاحتكام إلي مذاهب أهل السنة والجماعة فقط . ليهدر بذلك حقوق كافة الانتماءات الدينية الاخري. 
 جاءت المادة 2 من الدستور التركي لتحدد خصائص الجمهورية التركية علي النحو التالي:
" جمهورية تركيا هي دولة ديمقراطية علمانية واجتماعية تحكمها سيادة القانون، والأخذ في الاعتبار لمفاهيم السلام العامة، والتضامن الوطني والعدل؛ احترام حقوق الإنسان؛ الموالية لقومية أتاتورك، واستنادا إلى المبادئ الأساسية المنصوص عليها في ديباجة الدستور".
ويمكننا أن تقارن كافة مواد الدستور التركي بمواد المشروع المطروح للاستفتاء العام يوم 15 ديسمبر ولكننا نكتفي بإلقاء الضوء علي بعض المواد فقط للتوضيح.
جاءت المادة 63 من المشروع المصري تنص علي : العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن تكفله الدولة علي أساس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص ،لا يجوز فرض أي عمل جبراً إلا بقانون ، ولا يجوز فصل العامل إلا في الحالات المنصوص عليها في القانون. "
بذلك يفتح المشروع المصري باب العمل الجبري والسخرة بالقانون ، كما يفتح الباب للفصل التعسفي بحق العمال استناداً للقانون وبدلاً من حماية العمال يطيح بحقوقهم .بينما نجد المادة 18 من الدستور التركي تحظر العمل الجبري: 
 (1) لا يجوز إجبار أحد على العمل. ويحظر العمل القسري.
(2) العمل المطلوب للفرد بينما كان يقضي عقوبة السجن أو قيد الاحتجاز ، والخدمات المطلوبة من المواطنين خلال حالة الطوارئ ، والأعمال المادية أو الفكرية التي تقتضيها متطلبات البلد كالالتزام المدني لا تأتي تحت وصف السخرة ، شريطة أن يوصف شكل وظروف هذا العمل من قبل القانون.

هذا هو الفرق بين رؤيتين في العمل الجبري. ولو عدنا لنص المادة 63 في المشروع المصري نجد الآتي:
" العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن, تكفله الدولة علي أساس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص.ولا يجوز فرض أي عمل جبرا إلا بمقتضي قانون. ويعمل الموظف العام في خدمة الشعب, وتتيح الدولة الوظائف العامة للمواطنين علي أساس الجدارة, دون محاباة أو وساطة, ومخالفة ذلك جريمة يعاقب عليها القانون. وتكفل الدولة حق كل عامل في الأجر العادل والإجازات, والتقاعد والتأمين الاجتماعي, والرعاية الصحية, والحماية ضد مخاطر العمل, وتوافر شروط السلامة المهنية في أماكن العمل; وفقا للقانون. ولا يجوز فصل العامل إلا في الحالات المنصوص عليها في القانون. والإضراب السلمي حق, وينظمه القانون".
سمح المشروع بالفصل التعسفي للعمال من خلال القانون ، كما وضع قيد علي ممارسة حق الإضراب وفقا لما ينظمه القانون وبما يضع العراقيل أمام ممارسة العمال لحقهم في الإضراب السلمي .
لكن كيف عالج الدستور التركي هذه القضايا؟!
المادة 49 الحق في العمل 
1. لكل شخص الحق في العمل.
2. يجب على الدولة أن تتخذ التدابير اللازمة لرفع مستوى معيشة العمال، وحماية العمال والعاطلين عن العمل من أجل تحسين الشروط العامة للعمل، من أجل تعزيز العمل، وإلى خلق ظروف اقتصادية ملائمة لمنع البطالة و العمل لتأمين السلام
بذلك أكد الدستور التركي علي الحق في العمل كالتزام علي الدولة بل وأكد علي حماية العمال والعاطلين وهم من سقطوا من الاعتبار عن واضعي المشروع المصري.
  
المادة 50 شروط العمل والحق في الراحة وأوقات الفراغ 
1. لا يجوز إكراه أحد على أداء عمل غير ملائمة لسنه، وجنسه، وبناء قدراته.
2.  للقصر والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية أو العقلية حق التمتع بحماية خاصة فيما يتعلق بظروف العمل
3.  لجميع العمال الحق في الراحة وأوقات الفراغ
4.  الحقوق والشروط المتعلقة بعطلات نهاية الأسبوع وأيام العطل المدفوعة، مع إجازة سنوية مدفوعة الأجر، يجب أن ينظمها القانون
هكذا وضع الدستور التركي شروط حمائية للأطفال والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة ، وأكد علي حقهم في الراحة ووقت الفراغ.

تحديد الأجور
المادة 14 من مشروع الدستور بتقول " ويجب ربط الأجر بالإنتاج، وتقريب الفوارق بين الدخول وضمان حد أدني للأجور والمعاشات يكفل حياة كريمة لكل مواطن، وحد أقصي في أجهزة الدولة لا يستثني منه إلا بقرار".
أي أنه ربط الأجور بالإنتاج فقط ولم يربطها بمتغيرات أخري ، كما انه فتح الباب للتلاعب في تحديد الحد الأقصى للأجور بقرار وهو بذلك يداعب المستشارين وكبار موظفي الدولة الذين يدافع عنهم .

المادة 55 من الدستور التركي تتحدث عن ضمان أجر عادل 
(1)      تدفع الأجور مقابل العمل
(2)       يجب على الدولة أن تتخذ التدابير اللازمة لضمان أن العمال يحصلون على أجور عادلة تتناسب مع العمل الذي يمارسونه، وأنها تتمتع بمزايا اجتماعية أخرى
(3)       وعند تحديد الحد الأدنى للأجور، تتخذ ظروف معيشة العمال والوضع الاقتصادي للبلد في الاعتبار
لم يربط الدستور التركي الأجور بالإنتاجية كما فعل مشروع الدستور المصري ولكنه ربط الأجور بمستوي المعيشة والوضع الاقتصادي للبلاد وربط الأجور بباقي المزايا الاجتماعية للعمال.أليست تركيا دولة إسلامية؟! وهل قصر ربط الأجر بالإنتاج فقط من الإسلام.ألا يجب أن تتناسب الأجور مع مستويات الأسعار ؟!وهل يخالف ذلك الإسلام؟!

التنظيمات النقابية
رغم أن الجمعية التأسيسية اتخذت خطوة متقدمة عندما أقرت حق إنشاء الأحزاب والجمعيات بالإخطار المادة ( 51 ) من المشروع إلا أنها لم تفعل ذلك مع النقابات العمالية والمهنية والتعاونيات في المواد 52 و53 علي النحو التالي :


مادة 52
حرية إنشاء النقابات والاتحادات والتعاونيات مكفولة, وتكون لها الشخصية الاعتبارية, وتقوم علي أساس ديمقراطي, وتمارس نشاطها بحرية, وتشارك في خدمة المجتمع وفي رفع مستوي الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم. ولا يجوز للسلطات حلها أو حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي. 
مادة 53
ينظم القانون النقابات المهنية, وإدارتها علي أساس ديمقراطي,وتحديد مواردها وطريقة مساءلة أعضائها عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني وفق مواثيق شرف أخلاقية. ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوي نقابة مهنية واحدة. ولا يجوز للسلطات حل مجلس إدارتها إلا بحكم قضائي, ولا تفرض عليها الحراسة.

بذلك حرم المشروع العمال والفلاحين والمهنيين من تنظيم شئونهم بالإخطار وخضعت ممارستهم لحق التنظيم لما يقرره القانون، رغم عبارة علي أساس ديمقراطي فهو الأساس الذي تضعه الحكومة ويضعه القانون وليس الأساس الديمقراطي الذي يضعه أعضاء الجمعية العمومية بإرادتهم المستقلة.
ثم أن حكم الإخطار في إنشاء الأحزاب والجمعيات يجب أن يمتد إلي النقابات والتعاونيات أم إنها حريات لرجال الأعمال والرأسمالية فقط وليست حريات للعمال والفلاحين!!!!

كما أن حظر التعددية النقابية في النقابات المهنية مخالف لكل اتفاقيات منظمة العمل الدولية ومعادي لمبدأ الحرية النقابية. فالتعددية جزء رئيسي لتحقيق الحرية النقابية وفق إرادة العمال والمهنيين ودون تدخل من الدولة أو القانون. فالوحدانية لله فقط أما التعددية فهي لتنظيمات العمال والفلاحين المستقلة ولجمعياتهم العمومية التي تقرر ما تراه الأفضل دون وصاية من أي سلطة.
إذا عدنا للدستور التركي نجد النصوص التالية:
المادة 51 الحق في تنظيم نقابات العمال
للعمال وأصحاب العمل الحق في تكوين نقابات الاتحادات العمالية والمنظمات الأعلى ، دون الحصول على إذن ، ويملكون أيضا الحق في أن يصبحوا أعضاء في الاتحاد والانسحاب بحرية من عضويته ، من أجل حماية وتطوير حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية ومصالح أعضائها في علاقات العمل الخاصة بهم. لا يجوز إجبار أحد على أن يصبح عضوا في الاتحاد أو للانسحاب من عضويته.
-         ويجب أن يحدد الحق في تشكيل نقابة فقط بموجب القانون وبغرض حماية الأمن القومي والنظام العام ومنع ارتكاب الجرائم ، وحماية الصحة العامة والآداب العامة وحقوق الآخرين وحرياتهم.
-         وتتحدد الإجراءات والشروط والإجراءات المتعلقة بممارسة الحق في تشكيل الاتحاد بموجب القانون.
-         يحظر الحصول على العضوية في أكثر من واحدة من النقابات العمالية في نفس الوقت وفي فرع العمل نفسه.
-         وينص القانون على نطاق واستثناءات وحدود حقوق موظفي الخدمة المدنية الذين ليس لديهم حالة عامل بموجب القانون تماشيا مع سمات وظائفهم.
-         وينبغي أن لا تتعارض الأنظمة وإدارة وسير عمل النقابات العمالية والهيئات العليا مع الخصائص الأساسية للجمهورية ومبادئ الديمقراطية.

لقد علاج الدستور التركي قضية الحريات النقابية بطريقة ديمقراطية حيث أقر الحق في أنشاء النقابات دون الحصول علي أذن . وأقر أن القانون يقر الحق فقط ولا يضع ضوابط لممارسته. كما وضع حظر علي عضوية العامل في أكثر من نقابة خاصة داخل المهنة أو المصنع او المنشأة وذلك شئ طبيعي.كما انه اشترط أن الأنظمة واللوائح التي تضعها النقابة يجب ألا تتعارض مع المبادئ الديمقراطية.
كما أفرد الدستور التركي الباب السادس منه للتفاوض الجماعي ، والحق في الإضراب وإغلاق مكان العمل بتفاصيل غابت عن مشروع الدستور المصري.
المادة 53
" للعمال وأصحاب العمل الحق في إبرام اتفاقات المفاوضة الجماعية من أجل تنظيم مواقفهم وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية وظروف العمل وشروطه بالتبادل (بطريقة متبادلة). على أن تنظم الإجراءات المتبعة في إبرام اتفاقات المفاوضة الجماعية بموجب القانون.
ويجوز للنقابات ومنظماتها الأعلى ، والتي سيؤسسها موظفو القطاع العام المشار إليهم في الفقرة الأولى من المادة 128 والتي لا تدخل ضمن نطاق الفقرتين الأولى والثانية من المادة نفسها ، وكذلك المادة 54 ، أن تتقدم بالتماس ومناشدة إلى السلطات القضائية نيابة عن أعضائها ، ويجوز لها عقد اجتماعات المفاوضة الجماعية مع الإدارة وفقا لأهدافها. وفى حالة ما إذا تم التوصل إلى اتفاق نتيجة المفاوضة الجماعية ، يتم التوقيع على نص الاتفاق من قبل الطرفين. ويجب أن يعرض مثل هذا النص على مجلس الوزراء بحيث يمكن اتخاذ الترتيبات الإدارية أو القضائية. وإذا تعذر التوصل لمثل هذا النص وإنجازه نتيجة للمفاوضة الجماعية ، يتم أيضا عرض نقاط الاتفاق والاختلاف وتقديمها للنظر في مجلس الوزراء من قبل الأطراف المعنية. وينص القانون على لوائح تنفيذ هذه المادة.
لا يجوز إبرام أكثر من اتفاق للمفاوضة الجماعية في نفس المكان من العمل لنفس الفترة الزمنية ولا إدخاله حيز التنفيذ".

هكذا لم يترك الدستور التركي للمشرع مسألة المفاوضة الجماعية وهي دور رئيسي للنقابات بل وضع ضوابط دستورية لممارستها بما فيها المفاوضات الجماعية لموظفي الحكومة والتي تنعكس علي الموازنة العامة والتي طلب عرضها علي مجلس الوزراء. وبذلك خطي المشرع التركي خطوة للأمام علي طريق الحقوق العمالية غابت في المشروع المقترح.

الملكية الخاصة والتأميم
المادة 24 من مشروع الدستور:
" الملكية الخاصة مصونة, تؤدي وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد الوطني دون انحراف أو احتكار, وحق الإرث فيها مكفول. ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون, وبحكم قضائي; ولا تنزع إلا للمنفعة العامة, ومقابل تعويض عادل يدفع مقدما.وذلك كله وفقا لما ينظمه القانون".
  
بينما جاءت المادة (47) من الدستور التركي عن التأميم والخصخصة تنص علي:
 يجوز تأميم الشركات الخاصة التي تقوم بأداء الخدمات العامة عندما يتطلب الأمر ذلك من خلال ما تقتضيه المصلحة العامة. 
ويجرى التأميم على أساس من القيمة الحقيقية. والأساليب والإجراءات لحساب القيمة الحقيقية يصفها القانون. 
المبادئ والقواعد المتعلقة بخصخصة الشركات والأصول التي تملكها الدولة ، والمؤسسات الاقتصادية للدولة وغيرها من الهيئات الاعتبارية العامة يحددها القانون. 
تلك الاستثمارات والخدمات التي تؤديها الدولة والمؤسسات الاقتصادية للدولة ، وغيرها من الهيئات الاعتبارية العامة التي يمكن أن تؤدى أو تفوض للهيئات الحقيقية أو الشركات من خلال عقود القانون الخاص يجب أن يحددها القانون. 
المادة 48
 لكل فرد حرية العمل وإبرام العقود في مجال اختيار وظيفته/وظيفتها. إنشاء المؤسسات الخاصة مجانا. 
يجب أن تتخذ الدولة تدابير لضمان أن الشركات الخاصة تعمل وفقا لمتطلبات الاقتصاد الوطني والأهداف الاجتماعية وظروف وشروط الأمن والاستقرار. 
بذلك وضع الدستور التركي معيار المصلحة العامة كمعيار لتقييم أداء الشركات الخاصة وقنن تأميمها للمصلحة العامة علي عكس مشروع الدستور المصري الذي وفر حماية للمشروعات الخاصة بغض النظر عن دورها لصالح أو ضد الاقتصاد المصري ومستويات الأسعار والآثار الاجتماعية. بل اتخذ خطوة هامة وهي انه اشترط علي الشركات الخاصة أن تعمل وفقاً لمقتضيات الاقتصاد الوطني والأهداف الاجتماعية وبالتالي أخضع السوق لرقابة الدولة بما يعطي الفرصة للتصدي للممارسات الاحتكارية التي تضر بالاقتصاد والمجتمع.
الحق في الصحة
جاء مشروع الدستور في المادة 62 ينص علي" الرعاية الصحية حق لكل مواطن, تخصص له الدولة نسبة كافية من الناتج القومي.وتلتزم الدولة بتوفير خدمات الرعاية الصحية, والتأمين الصحي وفق نظام عادل عالي الجودة, ويكون ذلك بالمجان لغير القادرين.
وتلتزم جميع المنشآت الصحية بتقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل مواطن في حالات الطوارئ أو الخطر علي الحياة.وتشرف الدولة علي كافة المنشآت الصحية, وتتحقق من جودة خدماتها, وتراقب جميع المواد والمنتجات ووسائل الدعاية المتصلة بالصحة; وتصدر التشريعات وتتخذ كافة التدابير التي تحقق هذه الرقابة".
بدلاً من أن يضع الدستور صيغة قاطعة مثل " تكفل الدولة خدمات التأمين الصحي الاجتماعي الشامل لجميع المواطنين" قصر العلاج المجاني لغير القادرين وبالتالي علي المرضي أن يثبتوا أنهم غير قادرين ليحصلوا علي العلاج المجاني وفق الدستور المقترح.
لكن كيف عالج المشرع التركي قضية الصحة .
المادة 56
 لكل فرد الحق في العيش في بيئة صحية ومتوازنة. وإن من واجب الدولة والمواطنين تحسين البيئة الطبيعية ، ومنع التلوث البيئي. ولضمان أن يعيش الجميع حياتهم في ظل ظروف من الصحة البدنية والعقلية وتأمين التعاون في مجال الموارد البشرية والمادية من خلال الاقتصاد وزيادة الإنتاجية ، فعلى الدولة تنظيم التخطيط المركزي وأداء الخدمات الصحية.
تكفل الدولة تحقيق هذه المهمة من خلال استخدام والإشراف على المؤسسات الصحية والمساعدة الاجتماعية ، في كل من القطاعين العام والخاص. وينص القانون على إدخال نظام التأمين الصحي العام من أجل إنشاء خدمات صحية واسعة النطاق.

هكذ نجد المشرع التركي لم يضع في الدستور الصحة بمفهومها العلاجي فقط كما فعل المشرع المصري بل تحدث عن الصحة بمفهومها الأوسع وعن المحددات الاجتماعية للصحة والتي تشمل الغذاء المتوازن والمياه الصحية والسكن الصحي والوقاية قبل العلاج. كما ربط بين الصحة البدنية والعقلية كجانبين لقياس كفاءة النظام الصحي .
وعهد إلي الدولة بتخطيط الخدمات الصحية والرقابة عليها. ولم يتحدث عن القادرين وغير القادرين بل تعهد بإدخال نظام التأمين الصحي العام الذي يشمل جميع المواطنين . لقد كنا نحتاج لمثل هذه التفاصيل التي تكفل لنا الحق في الصحة بدلا من الصياغة المطاطة في مشروع الدستور الحالي.

الحق في الضمان الاجتماعي
أفرد مشروع الدستور مادتين للتأمين الاجتماعي هما:
مادة: 65
تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعي.ولكل مواطن الحق في الضمان الاجتماعي; إذا لم يكن قادرا علي إعالة نفسه أو أسرته, في حالات العجز عن العمل أو البطالة أو الشيخوخة, وبما يضمن لهم حد الكفاية.
مادة: 66
تعمل الدولة علي توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين والعمال الزراعيين والعمالة غير المنتظمة, ولكل من لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي. وينظم القانون ذلك.

أن اشتراط عدم قدرة الشخص علي إعالة أسرته كشرط لحصوله علي الضمان الاجتماعي هو قيد علي الحق في الضمان الاجتماعي الذي يجب أن تكفله الدولة لجميع المواطنين القادرين وغير القادرين وسواء من دفعوا اشتراكات أومن لم يدفعوا وذلك وفقاً للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر.كما أن مفهوم حد الكفاية هو مفهوم مطاط وغير محدد .
أما المادة 66 فتتحدث عن العمالة في القطاع الخاص غير المنظم والخاضعين حالياً للقانون 112 لسنة 1980 ومعاشاتهم أقل من 100 جنيه ، أما الغير متمتعين بأنظمة التأمين الاجتماعي فهم الخاضعين لنظام الضمان الاجتماعي والذي تقرر رفعه منذ شهور إلي 300 جنيه شهرياً للاسرة. لكن كيف عالج المشرع التركي قضية الضمان الاجتماعي . لقد عالجها في مادتين هما:
المادة 60
لكل فرد الحق في الحصول على الضمان الاجتماعي. وعلى الدولة اتخاذ التدابير اللازمة ، وإنشاء منظمة ومؤسسة لتوفير الضمان الاجتماعي.
المادة 61
تحمي الدولة أرامل ويتامى الشهداء الذين قتلوا في الحرب وخلال أداء واجبهم ، جنبا إلى جنب مع قدامى المحاربين والمعوقين بسبب الحرب ، والتأكد من تمتعهم بمستوى معيشي لائق وكريم وتكفل لهم ذلك المستوى.
يجب أن تتخذ الدولة التدابير لحماية المعوقين وتأمين اندماجهم في حياة المجتمع.
ويجب حماية المسنين من قبل الدولة. وتنظم مساعدة الدولة ومعونتها للمسنين ، وغيرها من الحقوق والمزايا الأخرى بموجب القانون.
تتخذ الدولة جميع أنواع التدابير اللازمة لإعادة التوطين الاجتماعي والاستقرار للأطفال الذين يحتاجون إلى حماية.
لتحقيق هذه الأهداف يتعين على الدولة إنشاء المنظمات أو المرافق اللازمة ، أو اتخاذ الترتيبات اللازمة لإنشائها بواسطة الهيئات الأخرى.
اعتمد المشرع التركي كفالة الضمان الاجتماعي لكل فرد بغض النظر عن الاحتياج ثم فصل الفئات الاجتماعية الأولي بالرعاية وأوجب علي الدولة إنشاء المنظمات والمرافق اللازمة لرعايتهم.

لقد عرضنا لبعض الأمثلة علي بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وكيف تمت معالجتها في مشروع الدستور الإسلامي المطروح للاستفتاء.والدستور التركي كدستور لدولة إسلامية لنوضح أن الإسلام ليس السبب الرئيسي لصياغات المشروع المصري ولكنها الانحيازات الاقتصادية والاجتماعية لجماعات الإسلام السياسي في مصر والتي أعطت الحريات لإنشاء الأحزاب ووضعت القيود علي إنشاء النقابات والجمعيات.
المشروع الذي ربط الأجور بالإنتاجية ولم يربطها بالمتغيرات الأخرى كمستوي الأسعار والأوضاع الاقتصادية كما جاء في الدستور التركي.
لذلك نجد أن المشروع المقترح لا يعبر عن طموحاتنا ، ولا يرعي حقوقنا. لذلك سنتوجه لمراكز الاقتراع يوم 15 ديسمبر لنقول لا لدستور لم يراعي حقوقنا الاقتصادية والاجتماعية.

إلهامي الميرغني
4/12/2012