الخميس، 27 ديسمبر 2012
الأربعاء، 5 ديسمبر 2012
الدستور
التركي ومشروع دستور الإسلاميين في مصر
تركيا دولة يعتبرها الإسلاميين نموذج وقدوة، يبلغ
عدد سكان تركيا 73.6 مليون نسمة ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لها 1.1 تريليون
دولار وذلك يضعها ضمن الاقتصاديات الكبرى في العالم .صدر الدستور التركي المعمول
به حالياً في عام 1982 وأدخلت عليه عدة تعديلات آخرها في 10 مايو 2007.
تركيا دولة
علمانية حيث لا يوجد دين رسمي للدولة كما أن الدستور التركي يؤمن حرية المعتقد
والدين حيث يدين غالبية سكان تركيا بالإسلام، فحسب الإحصاءات فإنهم يشكلون 97% من السكان.
ويعتقد أن ما بين (85-90%) منهم يتبعون الطائفة السنية، بينما (10-15%) شيعة علويين.
كما يدين ما بين 0.6%-0.9% بالمسيحية وتعتبر الكنيسة الأرثوذكسية أكبر الطوائف
مسيحية في تركيا، ويعتنق حوالي 0.4% اليهودية وأغلبهم سفارديم.
رغم التنوع
الموجود في تركيا لم يفرض الدستور التركي علي باقي المسلمين الشيعة والأكراد الفقه
السني كما حدث في مشروع الدستور المصري المادة 119 :
" مبادئ
الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها
المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة".
ينكر مشروع
الدستور المصري حقوق المسلمين غير السنة من الشيعة والديانات الأخرى ويقصر
الاحتكام إلي مذاهب أهل السنة والجماعة فقط . ليهدر بذلك حقوق كافة الانتماءات
الدينية الاخري.
جاءت المادة 2 من الدستور التركي لتحدد خصائص
الجمهورية التركية علي النحو التالي:
" جمهورية تركيا هي دولة ديمقراطية علمانية واجتماعية تحكمها
سيادة القانون، والأخذ في الاعتبار لمفاهيم السلام العامة، والتضامن الوطني
والعدل؛ احترام حقوق الإنسان؛ الموالية لقومية أتاتورك، واستنادا إلى المبادئ
الأساسية المنصوص عليها في ديباجة الدستور".
ويمكننا أن تقارن كافة مواد الدستور التركي
بمواد المشروع المطروح للاستفتاء العام يوم 15 ديسمبر ولكننا نكتفي بإلقاء الضوء
علي بعض المواد فقط للتوضيح.
جاءت المادة 63 من المشروع المصري
تنص علي : العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن تكفله الدولة علي أساس مبادئ المساواة
والعدالة وتكافؤ الفرص ،لا يجوز فرض أي عمل جبراً إلا بقانون ، ولا
يجوز فصل العامل إلا في الحالات المنصوص عليها في القانون. "
بذلك يفتح المشروع
المصري باب العمل الجبري والسخرة بالقانون ، كما يفتح الباب للفصل التعسفي بحق
العمال استناداً للقانون وبدلاً من حماية العمال يطيح بحقوقهم .بينما نجد المادة 18 من الدستور التركي تحظر العمل الجبري:
(1) لا يجوز إجبار أحد على العمل. ويحظر
العمل القسري.
(2) العمل المطلوب للفرد بينما كان يقضي
عقوبة السجن أو قيد الاحتجاز ، والخدمات المطلوبة من المواطنين خلال حالة الطوارئ ،
والأعمال المادية أو الفكرية التي تقتضيها متطلبات البلد كالالتزام المدني لا تأتي
تحت وصف السخرة ، شريطة أن يوصف شكل وظروف هذا العمل من قبل القانون.
هذا هو الفرق بين رؤيتين في العمل الجبري. ولو
عدنا لنص المادة 63 في المشروع المصري نجد الآتي:
" العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن, تكفله
الدولة علي أساس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص.ولا يجوز فرض أي عمل جبرا
إلا بمقتضي قانون. ويعمل الموظف العام في خدمة الشعب, وتتيح الدولة الوظائف العامة
للمواطنين علي أساس الجدارة, دون محاباة أو وساطة, ومخالفة ذلك جريمة يعاقب عليها
القانون. وتكفل الدولة حق كل عامل في الأجر العادل والإجازات, والتقاعد والتأمين
الاجتماعي, والرعاية الصحية, والحماية ضد مخاطر العمل, وتوافر شروط السلامة
المهنية في أماكن العمل; وفقا للقانون. ولا يجوز فصل العامل إلا في الحالات
المنصوص عليها في القانون. والإضراب السلمي حق, وينظمه القانون".
سمح المشروع بالفصل التعسفي للعمال من خلال
القانون ، كما وضع قيد علي ممارسة حق الإضراب وفقا لما ينظمه القانون وبما يضع
العراقيل أمام ممارسة العمال لحقهم في الإضراب السلمي .
لكن كيف عالج الدستور التركي هذه القضايا؟!
المادة 49 الحق في العمل
1. لكل
شخص الحق في العمل.
2. يجب
على الدولة أن تتخذ التدابير اللازمة لرفع مستوى معيشة العمال، وحماية
العمال والعاطلين عن العمل من أجل تحسين الشروط العامة للعمل، من أجل تعزيز العمل،
وإلى خلق ظروف اقتصادية ملائمة لمنع البطالة و العمل لتأمين السلام.
بذلك أكد الدستور
التركي علي الحق في العمل كالتزام علي الدولة بل وأكد علي حماية العمال والعاطلين
وهم من سقطوا من الاعتبار عن واضعي المشروع المصري.
المادة 50 شروط العمل والحق في الراحة وأوقات الفراغ
1. لا
يجوز إكراه أحد على أداء عمل غير ملائمة لسنه، وجنسه، وبناء قدراته.
2. للقصر والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية أو
العقلية حق التمتع بحماية خاصة فيما يتعلق بظروف العمل.
3. لجميع العمال الحق في الراحة وأوقات الفراغ.
4. الحقوق والشروط المتعلقة بعطلات نهاية الأسبوع
وأيام العطل المدفوعة، مع إجازة سنوية مدفوعة الأجر، يجب أن ينظمها القانون.
هكذا وضع الدستور
التركي شروط حمائية للأطفال والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة ، وأكد علي حقهم في
الراحة ووقت الفراغ.
تحديد
الأجور
المادة 14 من مشروع الدستور بتقول " ويجب ربط الأجر
بالإنتاج، وتقريب الفوارق بين الدخول وضمان حد أدني للأجور والمعاشات يكفل حياة
كريمة لكل مواطن، وحد أقصي في أجهزة الدولة لا يستثني منه إلا بقرار".
أي أنه ربط الأجور
بالإنتاج فقط ولم يربطها بمتغيرات أخري ، كما انه فتح الباب للتلاعب في تحديد الحد
الأقصى للأجور بقرار وهو بذلك يداعب المستشارين وكبار موظفي الدولة الذين يدافع
عنهم .
المادة 55 من الدستور التركي تتحدث عن ضمان أجر
عادل
(1) تدفع
الأجور مقابل العمل.
(2)
يجب على الدولة أن تتخذ التدابير اللازمة لضمان
أن العمال يحصلون على أجور عادلة تتناسب مع العمل الذي يمارسونه، وأنها تتمتع
بمزايا اجتماعية أخرى.
(3)
وعند تحديد الحد الأدنى للأجور، تتخذ ظروف معيشة
العمال والوضع الاقتصادي للبلد في الاعتبار.
لم يربط الدستور التركي الأجور بالإنتاجية كما
فعل مشروع الدستور المصري ولكنه ربط الأجور بمستوي المعيشة والوضع الاقتصادي
للبلاد وربط الأجور بباقي المزايا الاجتماعية للعمال.أليست تركيا دولة إسلامية؟!
وهل قصر ربط الأجر بالإنتاج فقط من الإسلام.ألا يجب أن تتناسب الأجور مع مستويات
الأسعار ؟!وهل يخالف ذلك الإسلام؟!
التنظيمات النقابية
رغم أن الجمعية التأسيسية اتخذت خطوة متقدمة
عندما أقرت حق إنشاء الأحزاب والجمعيات بالإخطار المادة ( 51 ) من المشروع إلا
أنها لم تفعل ذلك مع النقابات العمالية والمهنية والتعاونيات في المواد 52 و53 علي
النحو التالي :
مادة 52
حرية إنشاء النقابات والاتحادات والتعاونيات
مكفولة, وتكون لها الشخصية الاعتبارية, وتقوم علي أساس ديمقراطي, وتمارس
نشاطها بحرية, وتشارك في خدمة المجتمع وفي رفع مستوي الكفاءة بين أعضائها والدفاع
عن حقوقهم. ولا يجوز للسلطات حلها أو حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي.
مادة 53
ينظم القانون النقابات المهنية, وإدارتها علي أساس ديمقراطي,وتحديد
مواردها وطريقة مساءلة أعضائها عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني وفق مواثيق شرف
أخلاقية. ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوي نقابة مهنية واحدة. ولا يجوز
للسلطات حل مجلس إدارتها إلا بحكم قضائي, ولا تفرض عليها الحراسة.
بذلك حرم المشروع العمال والفلاحين والمهنيين من
تنظيم شئونهم بالإخطار وخضعت ممارستهم لحق التنظيم لما يقرره القانون، رغم عبارة
علي أساس ديمقراطي فهو الأساس الذي تضعه الحكومة ويضعه القانون وليس الأساس
الديمقراطي الذي يضعه أعضاء الجمعية العمومية بإرادتهم المستقلة.
ثم أن حكم الإخطار في إنشاء الأحزاب والجمعيات
يجب أن يمتد إلي النقابات والتعاونيات أم إنها حريات لرجال الأعمال والرأسمالية
فقط وليست حريات للعمال والفلاحين!!!!
كما أن حظر التعددية النقابية في النقابات
المهنية مخالف لكل اتفاقيات منظمة العمل الدولية ومعادي لمبدأ الحرية النقابية.
فالتعددية جزء رئيسي لتحقيق الحرية النقابية وفق إرادة العمال والمهنيين ودون تدخل
من الدولة أو القانون. فالوحدانية لله فقط أما التعددية فهي لتنظيمات العمال
والفلاحين المستقلة ولجمعياتهم العمومية التي تقرر ما تراه الأفضل دون وصاية من أي
سلطة.
إذا عدنا للدستور التركي نجد النصوص التالية:
المادة 51 الحق في تنظيم نقابات العمال
للعمال وأصحاب العمل الحق في تكوين
نقابات الاتحادات العمالية والمنظمات الأعلى ، دون الحصول على إذن ، ويملكون
أيضا الحق في أن يصبحوا أعضاء في الاتحاد والانسحاب بحرية من عضويته ، من أجل حماية
وتطوير حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية ومصالح أعضائها في علاقات العمل الخاصة بهم.
لا يجوز إجبار أحد على أن يصبح عضوا في الاتحاد أو للانسحاب من عضويته.
-
ويجب أن يحدد الحق في تشكيل نقابة
فقط بموجب القانون وبغرض حماية الأمن القومي والنظام العام ومنع ارتكاب الجرائم ، وحماية
الصحة العامة والآداب العامة وحقوق الآخرين وحرياتهم.
-
وتتحدد الإجراءات والشروط والإجراءات
المتعلقة بممارسة الحق في تشكيل الاتحاد بموجب القانون.
-
يحظر الحصول على العضوية في أكثر
من واحدة من النقابات العمالية في نفس الوقت وفي فرع العمل نفسه.
-
وينص القانون على نطاق واستثناءات
وحدود حقوق موظفي الخدمة المدنية الذين ليس لديهم حالة عامل بموجب القانون تماشيا مع
سمات وظائفهم.
-
وينبغي أن لا تتعارض الأنظمة وإدارة
وسير عمل النقابات العمالية والهيئات العليا مع الخصائص الأساسية للجمهورية ومبادئ
الديمقراطية.
لقد علاج الدستور التركي قضية الحريات النقابية
بطريقة ديمقراطية حيث أقر الحق في أنشاء النقابات دون الحصول علي أذن . وأقر أن
القانون يقر الحق فقط ولا يضع ضوابط لممارسته. كما وضع حظر علي عضوية العامل في
أكثر من نقابة خاصة داخل المهنة أو المصنع او المنشأة وذلك شئ طبيعي.كما انه اشترط
أن الأنظمة واللوائح التي تضعها النقابة يجب ألا تتعارض مع المبادئ الديمقراطية.
كما أفرد الدستور التركي الباب السادس منه
للتفاوض الجماعي ، والحق في الإضراب وإغلاق مكان العمل بتفاصيل غابت عن مشروع
الدستور المصري.
المادة 53
" للعمال وأصحاب العمل الحق في إبرام
اتفاقات المفاوضة الجماعية من أجل تنظيم مواقفهم وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية
وظروف العمل وشروطه بالتبادل (بطريقة متبادلة). على أن تنظم الإجراءات المتبعة في إبرام اتفاقات
المفاوضة الجماعية بموجب القانون.
ويجوز للنقابات ومنظماتها الأعلى ، والتي
سيؤسسها موظفو القطاع العام المشار إليهم في الفقرة الأولى من المادة 128 والتي لا
تدخل ضمن نطاق الفقرتين الأولى والثانية من المادة نفسها ، وكذلك المادة 54 ، أن
تتقدم بالتماس ومناشدة إلى السلطات القضائية نيابة عن أعضائها ، ويجوز لها عقد
اجتماعات المفاوضة الجماعية مع الإدارة وفقا لأهدافها. وفى حالة ما إذا تم التوصل
إلى اتفاق نتيجة المفاوضة الجماعية ، يتم التوقيع على نص الاتفاق من قبل الطرفين.
ويجب أن يعرض مثل هذا النص على مجلس الوزراء بحيث يمكن اتخاذ الترتيبات الإدارية
أو القضائية. وإذا تعذر التوصل لمثل هذا النص وإنجازه نتيجة للمفاوضة الجماعية ،
يتم أيضا عرض نقاط الاتفاق والاختلاف وتقديمها للنظر في مجلس الوزراء من قبل
الأطراف المعنية. وينص القانون على لوائح تنفيذ هذه المادة.
لا يجوز إبرام أكثر من اتفاق للمفاوضة الجماعية
في نفس المكان من العمل لنفس الفترة الزمنية ولا إدخاله حيز التنفيذ".
هكذا لم يترك الدستور التركي للمشرع مسألة
المفاوضة الجماعية وهي دور رئيسي للنقابات بل وضع ضوابط دستورية لممارستها بما
فيها المفاوضات الجماعية لموظفي الحكومة والتي تنعكس علي الموازنة العامة والتي
طلب عرضها علي مجلس الوزراء. وبذلك خطي المشرع التركي خطوة للأمام علي طريق الحقوق
العمالية غابت في المشروع المقترح.
الملكية الخاصة والتأميم
المادة 24 من مشروع الدستور:
" الملكية الخاصة مصونة, تؤدي وظيفتها
الاجتماعية في خدمة الاقتصاد الوطني دون انحراف أو احتكار, وحق الإرث فيها مكفول. ولا
يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون, وبحكم قضائي; ولا تنزع
إلا للمنفعة العامة, ومقابل تعويض عادل يدفع مقدما.وذلك كله وفقا لما
ينظمه القانون".
بينما جاءت المادة (47) من الدستور التركي عن التأميم والخصخصة تنص
علي:
يجوز تأميم الشركات الخاصة التي تقوم
بأداء الخدمات العامة عندما يتطلب الأمر ذلك من خلال ما تقتضيه المصلحة العامة.
ويجرى التأميم على أساس من القيمة الحقيقية.
والأساليب والإجراءات لحساب القيمة الحقيقية يصفها القانون.
المبادئ والقواعد المتعلقة بخصخصة
الشركات والأصول التي تملكها الدولة ، والمؤسسات الاقتصادية للدولة وغيرها من
الهيئات الاعتبارية العامة يحددها القانون.
تلك الاستثمارات والخدمات التي
تؤديها الدولة والمؤسسات الاقتصادية للدولة ، وغيرها من الهيئات الاعتبارية العامة
التي يمكن أن تؤدى أو تفوض للهيئات الحقيقية أو الشركات من خلال عقود القانون
الخاص يجب أن يحددها القانون.
المادة 48
لكل فرد حرية العمل وإبرام العقود في مجال
اختيار وظيفته/وظيفتها. إنشاء المؤسسات الخاصة مجانا.
يجب أن تتخذ الدولة تدابير لضمان أن
الشركات الخاصة تعمل وفقا لمتطلبات الاقتصاد الوطني والأهداف الاجتماعية وظروف
وشروط الأمن والاستقرار.
بذلك وضع الدستور التركي معيار المصلحة العامة
كمعيار لتقييم أداء الشركات الخاصة وقنن تأميمها للمصلحة العامة علي عكس مشروع
الدستور المصري الذي وفر حماية للمشروعات الخاصة بغض النظر عن دورها لصالح أو ضد
الاقتصاد المصري ومستويات الأسعار والآثار الاجتماعية. بل اتخذ خطوة هامة وهي انه
اشترط علي الشركات الخاصة أن تعمل وفقاً لمقتضيات الاقتصاد الوطني والأهداف
الاجتماعية وبالتالي أخضع السوق لرقابة الدولة بما يعطي الفرصة للتصدي للممارسات
الاحتكارية التي تضر بالاقتصاد والمجتمع.
الحق في الصحة
جاء مشروع الدستور في المادة 62 ينص علي"
الرعاية الصحية حق لكل مواطن, تخصص له الدولة نسبة كافية من الناتج القومي.وتلتزم
الدولة بتوفير خدمات الرعاية الصحية, والتأمين الصحي وفق نظام عادل عالي الجودة, ويكون
ذلك بالمجان لغير القادرين.
وتلتزم جميع المنشآت
الصحية بتقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل مواطن في حالات الطوارئ أو الخطر علي
الحياة.وتشرف الدولة علي كافة المنشآت الصحية, وتتحقق من جودة خدماتها, وتراقب
جميع المواد والمنتجات ووسائل الدعاية المتصلة بالصحة; وتصدر التشريعات وتتخذ كافة
التدابير التي تحقق هذه الرقابة".
بدلاً من أن يضع الدستور
صيغة قاطعة مثل " تكفل الدولة خدمات التأمين الصحي الاجتماعي الشامل لجميع
المواطنين" قصر العلاج المجاني لغير القادرين وبالتالي علي المرضي أن يثبتوا
أنهم غير قادرين ليحصلوا علي العلاج المجاني وفق الدستور المقترح.
لكن كيف عالج المشرع
التركي قضية الصحة .
المادة 56
لكل فرد الحق في العيش في بيئة صحية
ومتوازنة. وإن من واجب الدولة والمواطنين تحسين البيئة الطبيعية ، ومنع
التلوث البيئي. ولضمان أن يعيش الجميع حياتهم في ظل ظروف من الصحة البدنية
والعقلية وتأمين التعاون في مجال الموارد البشرية والمادية من خلال
الاقتصاد وزيادة الإنتاجية ، فعلى الدولة تنظيم التخطيط المركزي وأداء الخدمات
الصحية.
تكفل الدولة تحقيق هذه
المهمة من خلال استخدام والإشراف على المؤسسات الصحية والمساعدة الاجتماعية ، في
كل من القطاعين العام والخاص. وينص القانون على إدخال نظام التأمين الصحي
العام من أجل إنشاء خدمات صحية واسعة النطاق.
هكذ نجد المشرع التركي لم يضع في الدستور
الصحة بمفهومها العلاجي فقط كما فعل المشرع المصري بل تحدث عن الصحة بمفهومها
الأوسع وعن المحددات الاجتماعية للصحة والتي تشمل الغذاء المتوازن والمياه الصحية
والسكن الصحي والوقاية قبل العلاج. كما ربط بين الصحة البدنية والعقلية كجانبين
لقياس كفاءة النظام الصحي .
وعهد إلي الدولة بتخطيط
الخدمات الصحية والرقابة عليها. ولم يتحدث عن القادرين وغير القادرين بل تعهد
بإدخال نظام التأمين الصحي العام الذي يشمل جميع المواطنين . لقد كنا نحتاج لمثل
هذه التفاصيل التي تكفل لنا الحق في الصحة بدلا من الصياغة المطاطة في مشروع
الدستور الحالي.
الحق في الضمان الاجتماعي
أفرد مشروع الدستور مادتين للتأمين الاجتماعي
هما:
مادة: 65
تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعي.ولكل مواطن
الحق في الضمان الاجتماعي; إذا لم يكن قادرا علي إعالة نفسه أو أسرته,
في حالات العجز عن العمل أو البطالة أو الشيخوخة, وبما يضمن لهم حد الكفاية.
مادة: 66
تعمل الدولة علي توفير معاش مناسب لصغار
الفلاحين والعمال الزراعيين والعمالة غير المنتظمة, ولكل من لا يتمتع بنظام
التأمين الاجتماعي. وينظم القانون ذلك.
أن اشتراط عدم قدرة الشخص علي إعالة أسرته كشرط
لحصوله علي الضمان الاجتماعي هو قيد علي الحق في الضمان الاجتماعي الذي يجب أن
تكفله الدولة لجميع المواطنين القادرين وغير القادرين وسواء من دفعوا اشتراكات أومن
لم يدفعوا وذلك وفقاً للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر.كما أن مفهوم حد
الكفاية هو مفهوم مطاط وغير محدد .
أما المادة 66 فتتحدث عن العمالة في القطاع
الخاص غير المنظم والخاضعين حالياً للقانون 112 لسنة 1980 ومعاشاتهم أقل من 100
جنيه ، أما الغير متمتعين بأنظمة التأمين الاجتماعي فهم الخاضعين لنظام الضمان
الاجتماعي والذي تقرر رفعه منذ شهور إلي 300 جنيه شهرياً للاسرة. لكن كيف عالج
المشرع التركي قضية الضمان الاجتماعي . لقد عالجها في مادتين هما:
المادة 60
لكل فرد الحق في
الحصول على الضمان الاجتماعي. وعلى الدولة اتخاذ التدابير اللازمة ، وإنشاء منظمة
ومؤسسة لتوفير الضمان الاجتماعي.
المادة 61
تحمي الدولة أرامل ويتامى الشهداء الذين
قتلوا في الحرب وخلال أداء واجبهم ، جنبا إلى جنب مع قدامى المحاربين والمعوقين بسبب
الحرب ، والتأكد من تمتعهم بمستوى معيشي لائق وكريم وتكفل لهم ذلك المستوى.
يجب أن تتخذ الدولة التدابير لحماية
المعوقين وتأمين اندماجهم في حياة المجتمع.
ويجب حماية المسنين من قبل الدولة. وتنظم
مساعدة الدولة ومعونتها للمسنين ، وغيرها من الحقوق والمزايا الأخرى بموجب
القانون.
تتخذ الدولة جميع أنواع التدابير اللازمة
لإعادة التوطين الاجتماعي والاستقرار للأطفال الذين يحتاجون إلى حماية.
لتحقيق هذه الأهداف يتعين على الدولة إنشاء
المنظمات أو المرافق اللازمة ، أو اتخاذ الترتيبات اللازمة لإنشائها بواسطة
الهيئات الأخرى.
اعتمد المشرع التركي كفالة الضمان
الاجتماعي لكل فرد بغض النظر عن الاحتياج ثم فصل الفئات الاجتماعية الأولي
بالرعاية وأوجب علي الدولة إنشاء المنظمات والمرافق اللازمة لرعايتهم.
لقد عرضنا لبعض الأمثلة علي بعض الحقوق
الاقتصادية والاجتماعية وكيف تمت معالجتها في مشروع الدستور الإسلامي المطروح
للاستفتاء.والدستور التركي كدستور لدولة إسلامية لنوضح أن الإسلام ليس السبب
الرئيسي لصياغات المشروع المصري ولكنها الانحيازات الاقتصادية والاجتماعية لجماعات
الإسلام السياسي في مصر والتي أعطت الحريات لإنشاء الأحزاب ووضعت القيود علي إنشاء
النقابات والجمعيات.
المشروع الذي ربط الأجور بالإنتاجية ولم
يربطها بالمتغيرات الأخرى كمستوي الأسعار والأوضاع الاقتصادية كما جاء في الدستور
التركي.
لذلك نجد أن المشروع المقترح لا يعبر عن
طموحاتنا ، ولا يرعي حقوقنا. لذلك سنتوجه لمراكز الاقتراع يوم 15 ديسمبر لنقول لا
لدستور لم يراعي حقوقنا الاقتصادية والاجتماعية.
إلهامي الميرغني
4/12/2012
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)