الخميس، 31 ديسمبر 2009

وزير البيزنس .. عندما يصبح مسئولاً عن صحة الفقراء( 2-2 )


عرضت في المقال السابق لاستثمارات الدكتور حاتم الجبلي المتنوعة التي تمتد من الفنادق السياحية إلي البتروكيماويات ومن تجارة الأسمدة إلي تجارة الصحة والطب . ومن مستشفي دار الفؤاد إلي شركات صحية في الخليج ، وشركاء من مايوكلينيك إلي أحمد حسن فتيحي تاجر المجوهرات. نعرض هنا لجوانب أخري من أساليب إدارة الدكتور الجبلي للقطاع الصحي .
خلال حواره مع الأستاذ مجدي الجلاد قال الوزير " أستطيع أن أقول لدينا أحسن وزارة صحة في الكرة الأرضية. (المصري اليوم 19/5/2009 ). إذا كانت وزارة الصحة المصرية هي أحسن وزارة في الكرة الأرضية فمن المؤكد أن وزير الصحة المصري هو أحسن وزير صحة في الكرة !! تري ما هو وضع الصحة في ظل إدارته ؟!
ـ الجبلي في ٧/ ٨/ ٢٠٠٨ : " ناصر العام" أسوأ مستشفي في مصر .
ـ أثناء زيارته لمستشفي الأقصر العام في ١٥/ ١٠/ ٢٠٠٨ قال " اللي أنا شايفه ده مش مستشفي".
ـ عند زيارة حميات العباسية في 27/9/2009 قال " تجهيزات حميات العباسية «زبالة».. ونحتاج لتدريب الممرضات علي غسل الأيدي ".
تري كيف يكون ذلك وضع المستشفيات التابعة لأحسن وزارة صحة في الكرة الأرضية؟! وما هو موقف وزير البيزنس من سوء الخدمة بالمستشفيات العامة؟! وهل يقتصر التدهور علي تصريحات الوزير فقط أم أن ما خفي كان اعظم!! بمتابعة بعض ما نشرته الصحف ربما نقف علي حقيقة الوضع الصحي في عهد وزير البيزنس.
ـ كشف حريق قصر ثقافة بني سويف عام 2005 عن مخالفات جسيمة في مستشفي بني سويف العام الأمر الذي أدي لارتفاع عدد حالات الوفاة .
ـ عام 2007 كشفت دفاتر دخول وخروج المرضي وتقارير العمليات بمستشفي أم المصريين بالجيزة عن ارتفاع نسبة الوفيات فيه بصورة ملحوظة نتيجة حدوث وقائع إهمال داخل غرف العناية المركزة وأثناء وبعد العمليات الجراحية.
ـ حدوث وفيات عديدة حدثت في قسم الرعاية المركزة بمستشفي الفيوم في فبراير عام 2009 وقال وزير الصحة أنه أرسل الدكتور ناصر رسمي مساعد الوزير للمستشفى على رأس فريق فني فوجد أن أجهزة الرعاية "المونيتو" غير موصلة بالمرضى وأن رئيس الرعاية أخذ الأجهزة وأخفاها كما وضع كودا على جهاز الأشعة الصوتية حتى لايستخدمه أحد واتصل بوسائل الإعلام لتأليبها على المستشفى والوزارة .
ـ يونيو 2008 انقطاع التيار الكهربائي عن مستشفي المطرية التعليمي وعدم وجود مولدات احتياطية مما أدي لعدة وفيات في الحضانات والرعاية المركزة.
ـ نشرت جريدة البديل في مارس 2009 أن الوضع في مستشفي الزقازيق العام لا يمكن وصفه سوي بأنه مأساوي .. أطباء يصرخون طلبا للنجدة لهم ولمرضاهم «الغلابة».. ووسط هذه الظروف الكارثية كان علي الأطباء أن يحاولوا علاج المرضي..
ـ قال د. عصمت النمر استشاري الجراحة بمستشفي الزقازيق العام " المكان ما ينفعش يبقي مستشفي .. تلت المستشفي انهار والتلت صدر له قرار إزالة.. والمستشفي بيعالج 7 مليون شرقاوي وهو الوحيد في الزقازيق وأوضح إنهم يضطرون لوضع اثنين من المرضي علي سرير واحد.. ويقول: " هعالج أزاي أتنين علي كل سرير.. هامشي أزاي في الممر وكأني ماشي في زنقة الستات؟".كما حكي د. أيمن عبد الحارس استشاري النساء " إحنا في مبني قديم مافيهوش أسانسير.. ولما ييجي راجل مكسور في حادثة بيطلعوه للدور التالت متشال.. والمباني القديمة سلالمها عالية وغالبا بيقع المصابين بيقعوا من علي التروللي وتتدهور حالتهم".
ـ أصدر وزير الصحة قرار بتحويل ثلثي مستشفيات الحميات إلي أقسام أو وحدات تابعة للمستشفيات العامة‏,‏ كان لدينا‏107‏ مستشفي سينخفض عددها إلي‏36‏ مستشفي فقط بمعدل مستشفي واحد أو اثنين بكل محافظة أو مدينة كبري فهل تم ذلك وفق دراسة لعبئ المراضة وانتشار الأوبئة في مصر . أم أن وزير البيزنس لا يهتم سوي بالبيع ؟!وهل يتم تخريب القطاع الصحي الحكومي لصالح القطاع الخاص وشركات التامين الصحي المتربصة من مصر والعالم؟!!!
يتميز الدكتور الجبلي بأنه لا يخشي في البيزنس لومة لائم ففي مارس عام 2006 شهد مجلس الشعب أعنف محاكمة برلمانية لوزير الصحة حول تدني الخدمات الصحية والعلاجية التي تقدم للمرضى وضعف الاعتمادات المالية المخصصة لقطاع الصحة والتي لا تزيد عن 3 % من إجمالي الناتج القومي للبلاد. جاء ذلك من خلال 130 طلب إحاطة وسؤال مقدمة من نواب الإخوان والحزب الوطني والمعارضة . ولكن الوزير لم يتأثر وأكد أنه باقٍ رغم أنف الجميع!!
كما انتقدت الدكتورة سامية جلال، مستشار صحة البيئة لمنظمات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في يوليو الماضي ، بشدة عدم اهتمام مصر بنشر الأرقام والإحصاءات الخاصة بمرضى السرطان والفشل الكلوي وغيرهما من الأمراض المتعلقة بالتلوث البيئي، حتى يتنبه المجتمع لأضرار التلوث البيئي ونتائجه. وقالت " أقل وصف يمكن أن نصف به المستشفيات - كما يقول الصعايدة - أنها (مطينة بطين)، بخلاف الإفراط في استعمال المضادات الحيوية، مما يزيد من مناعة البكتيريا، وفتحات التكييف والشفطات بها لا يتم تنظيفها منذ تركيبها، و(روحوا شوفوا شكل النظافة في المستشفيات إيه)". ولكن الوزير لم يتأثر!! لا بانتقادات السلطة التشريعية ولا بمواقف المنظمات الدولية طالما خطة البيع والخصخصة تسير في طريقها بدعم من أعلي؟!
يهتم وزير الصحة بما ينشر عنه ويحرص علي الشفافية التي يرعاها الدكتور أحمد درويش ولذلك أقال المستشارين الإعلاميين للوزارة أربع مرات كان أخرها في مايو 2008 بسبب أحاديث للإعلام وكشف وقائع فساد وإهدار أموال عامة في الوزارة .فقد أكد ذلك ممدوح عباس وقال " أنه المسئول الرابع الذي أقاله الجبلي خلال أربعة أشهر للسبب نفسه، وذلك بعد أن أصدر الوزير قرارا بمنع كل المسئولين والأطباء في الوزارة من التعامل مع وسائل الإعلام بأي شكل". ( صباح الشفافية ) وقال إنه تقدم بالمستندات إلي النيابة الإدارية بالوزارة قبل إقالته، كما أبلغ الجهاز المركزي للمحاسبات، و كشف عن وقائع الفساد في برنامج يذاع علي قناة المحور. وأشار إلي أن المخالفات تشمل إهدار أموال قرارات العلاج علي نفقة الدولة لصالح مستشفيات خاصة مقابل حصولهم علي نسبة من 20 إلي 30 % من قيمتها.ومنها قرارات تخص مستشفي دار الفؤاد المملوك للوزير.وأضاف أن المخالفات تشمل أيضا تفويض موظفين بدلا من الأطباء لإصدار قرارات العلاج، وتشكيل لجان كشف طبي وهمية لاستثناء الأطباء من أصحاب النفوذ من التكليف في المناطق النائية والحدودية . هذه هي شفافية الوزير.
إذا كان الدكتور الجبلي لا يفتخر في سيرته الذاتية باكتشاف علمي حققه وهو أستاذ جامعي في الطب بل يفتخر بأنه أقام برج الأطباء فهو مقاول الصحة في مصر، والصحة بالنسبة له أراضي ومباني وليست مرضي وأمراض. يكفي أن نعود لتصريحاته حول بيع ارض إسعاف القاهرة وارض مستشفي معهد ناصر وحميات إمبابة ومستشفي العجوزة للاستفادة منها كأرض لنعرف كيف يفكر وزير الصحة؟!!!!
كما أن قراره الأخير بتسعير الأدوية وفقاً للسعر العالمي في 36 دولة واستخدام أقل سعر مع خصم 10% في مصر ليدعم وكلاء شركات الأدوية العالمية . وكذلك قرار تغير مساحة الصيدليات لصالح شركات الصيدلة العربية والأجنبية القادمة لغزو السوق المصري أكبر الأسواق العربية من حيث عدد السكان وعدد المرضي ومن حيث الإنفاق علي الدواء.
إن رفضه ومقاومته لتحسين أجور الأطباء واستمرارهم في السعي خلف لقمة العيش بما يقود لانهيار المنظومة الصحية وتحميلهم مسئولية ذلك.كمبرر للخصخصة وللتدليل علي سوء الخدمة الصحية.
إن سجل الدكتور الجبلي حافل ومثير ولكنه يؤدي دوره ببراعة يحسد عليها.فهو يفعل كل ما يستطيع كوزير بيزنس يبحث عن الأرباح ولا يهتم بالبشر وصحتهم . وعندما تداهمنا الأوبئة يبشرنا بأنه حدد أماكن للمقابر الجماعية فهي أفضل حل لصحة فقراء هذا الوطن. ومن حقنا أن نفخر بأن لدينا وزير مثل الدكتور حاتم الجبلي!!!!

إلهامي الميرغني
13/10/2009

ليست هناك تعليقات: