الأحد، 5 أغسطس 2012

نحو تطوير عمل اللجان الشعبية

نحو تطوير عمل اللجان الشعبية



نحو تطوير عمل اللجان الشعبية
المشاركة الشعبية قيمة ديمقراطية هامة حرم منها الشعب المصري لسنوات ، فلم يكن له دور في إدارة موارده ومشروعاته . ولم يدعي للمشاركة التي كانت شكلية رغم نصوص الدستور والقانون . لقد تضمن دستور 1971 عدد من المواد الهامة عن المشاركة الشعبية منها :
(مادة 3) السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور.
(مادة 27) يشترك المنتفعون في إدارة مشروعات الخدمات ذات النفع العام والرقابة عليها وفقا للقانون.
(مادة 29) تخضع الملكية لرقابة الشعب وتحميها الدولة، وهى ثلاثة أنواع: الملكية العامة، والملكية التعاونية، والملكية الخاصة.
(مادة 63) لكل فرد حق مخاطبة السلطات العامة كتابة وبتوقيعه، ولا تكون مخاطبة السلطات العامة باسم الجماعات إلا للهيئات النظامية والأشخاص الاعتبارية.
وقد تكررت المادة الثالثة من دستور 1971 في الإعلان الدستوري الذي صدر في فبراير 2011. وبالتالي فإن المشاركة الشعبية كانت مطروحة في الدستور ولكنها لم تفعل واقتصر تنفيذها علي المحليات والمجالس المنتخبة والنقابات التي كانت الأجهزة الأمنية تختار أعضائها وكانوا لا يعبرون سوي عن مصالحهم المعادية لمصالح الشعب.
أما قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 فقد تضمن في المادة 12 منه " تحديد وإقرار خطة المشاركة الشعبية بالجهود والإمكانيات الذاتية للمعاونة في المشروعات المحلية ووضع القواعد التي تكفل تشجيع مدخرات المواطنين واستثمارها في مشروعات تعود بالنفع العام علي المحافظة وترتفع بمعدلات التنمية وتزيد فرص العمل بها".وكان بكل حي مجلس محلي مكون من 12 عضو منهم سيدة إضافة إلي أربعة أعضاء يمثلون الحي في مجلس المحافظة. ورغم أن الرقابة الشعبية هي جزء أصيل من اختصاص المحليات.إلا أن الوضع قبل الثورة شابه الفساد وتحول أعضاء هذه المجالس إلي سلطة وجزء من السلطة التنفيذية ولم يمارسوا أي دور رقابي.فتدهورت المرافق والخدمات العامة.
تواكب مع ذلك خصخصة المرافق والخدمات وفرض رسوم عليها وزيادتها دورياً دون تحسين للخدمة. وربما نجد تدهور خدمات النظافة والمياه والصرف الصحي في كل الأحياء والقري لخير دليل علي ما نعانيه. كذلك فإن انفلات الأسعار بلا ضوابط وأزمات الخبز والسولار والبوتاجاز وإطلاق قوي السوق كانت عوامل ضغط اضافيه قادت للثورة.
تغير الوضع بعد ثورة 25 يناير حيث ظهرت اللجان الشعبية عقب الانفلات الأمني الذي حدث يوم 28 يناير.وقد طلبت القوات المسلحة من المواطنين النزول للشوارع للدفاع عن ممتلكاتهم الخاصة.وبالتالي فالجماهير بمعناها الواسع لم تشارك في اختيار أعضاء اللجان ولكنها تكونت كمبادرات جماعية لمواجهة الانفلات الأمني في البداية.
لكن عقب التنحي ذابت غالبية اللجان الشعبية واختفت ، كما حاول رموز الحزب الوطني ورموز القوي الإسلامية السيطرة علي بعض اللجان.لكن بعض اللجان استطاعت الهروب من سيطرة الأحزاب السياسية علي اختلاف توجهاتها،ودافعت عن استقلاليتها.بل واستطاعت تطوير دورها ومشاركتها لتتحول إلي معبر عن سلطة غائبة ودور مفقود ومشاركة فاعلة تعبر عن مصالح غالبية السكان.
أهم مميزات عمل اللجان الشعبية
تتميز اللجان الشعبية عن غيرها من أشكال التنظيم الاجتماعي الأخرى بعدة مميزات منها:
1. اختيارية لأن عضويتها اختيارية. يمكن الانضمام لها أو الانسحاب منها في أي وقت.
2. مستقلة عن كافة الأحزاب والقوي السياسية.
3. تطوعية تعتمد علي الجهد التطوعي للخدمة العامة دون مقابل.
4. مختلطة الأدوار حيث تلعب دور اجتماعي ودور خدمي ودور سياسي مما يعطيها مرونة في الحركة.
5. لم تصدر بقانون وتستمد شرعيتها من الجماهير التي تمثلها.
نقاط القوة في عمل اللجان الشعبية
توجد عدة نقاط قوة في اللجان نذكر منها:
1. إمكانية تغيير وتطوير أدوراها بما يحقق لها الاستمرارية.
2. شكل من أشكال المشاركة الشعبية.
3. ليست سلطة لكنها رقيب علي السلطة التنفيذية والأسواق.
4. القدرة علي طرح وتنفيذ المبادرات الشعبية.
5. سهولة الاتصال والتواصل بقطاعات عريضة من الجماهير صاحبة المصلحة.
نقاط الضعف في عمل اللجان الشعبية
توجد عدة نقاط ضعف في اللجان نذكر منها:
1. غياب المؤسسية والإطار التنظيمي المستدام.
2. عدم وجود قانون ينظم عملها وافتقادها للشرعية القانونية واعتمادها علي الشرعية الثورية المستمدة من حجم تأييدها الشعبي والتفاف الناس حولها ودعم حركتها.
3. مدي الالتفاف الشعبي حول اللجان لحمايتها .
4. ضعف التمويل .
5. ضعف الخبرات في بعض المجالات.
لكن رغم ذلك استطاعت اللجان الشعبية تطوير عملها ولكن البعض يحاول التقليل من أهميتها.أو يعتبر أنها كانت بديل للأمن ومن ثم فإن عودة الأمن تنهي دورها . أو إنها بديل للمجالس المنتخبة وبانتخاب برلمان جديد ينتهي دورها .
لذلك تواجه اللجان الشعبية عدد من التحديات التي تحتاج لرؤية تحقق تحول اللجان إلي مؤسسية توفر لها الدعم والتمويل ومصدر الحماية. فكلما اتسع عدد من تعبر عنهم اللجنة وكانت علي تواصل حقيقي معهم وتعبر بصدق عن آمالهم وطموحاتهم ، وتحقق الالتفاف حولها. كلما كان من الصعب حصارها أو وقف نشاطها.
هل أنتهي دور وضرورة عمل اللجان الشعبية؟!
طالما ظلت الأحياء تعاني من مشاكل النظافة ظل لدينا دور للجان الشعبية . وطالما ظلت لدينا أسواق بلا رقابة ظل لدينا دور للجان الشعبية، وطالما ظلت لدينا طوابير للعيش والبوتاجاز ظل لدينا دور للجان الشعبية، وطالما كانت لدينا مدارس ومكاتب صحة ومراكز صحية ومستشفيات ظل لدينا دور للجان الشعبية ، وطالما لنا تعامل وعلاقة بالأجهزة التنفيذية سيظل لدينا دور للجان الشعبية في الرقابة والمحاسبة .
ويظل أمامها فرص كبيرة لتقديم حلول شعبية وتمويلها ذاتياً . وتستمر كرقيب وعين علي الأجهزة والمرافق الحكومية من ناحية . وعلي حركة الأسواق والمشاكل الحياتية.بل وعلي الأعضاء المنتخبين في البرلمان والمجالس المحلية باعتبارها تمثل الجمعية العمومية للناخبين في الحي.
تنظيم العمل والحركة
لكي تستطيع اللجان الشعبية تطوير حركتها عليها تنظيم نفسها بشكل مختلف وتقديم إبداعات في التنظيم.علي سبيل المثال:
- حي بولاق أبو العلا يتبعه 19 شياخة وحي روض الفرج يتبعه 6 شياخات وحي الساحل يتبعه 7 شياخات .
- يجب أن يكون في إدارة اللجنة ممثل لكل شياخة بالحي.
- ثم تقسم الشياخة إلي مربعات سكنية ويكون لكل مربع سكني حدود واضحة ومسئول أو أكثر.
- يبدأ مسئولي المربعات السكنية تجميع أهم المشاكل وحصر الموارد ليتم رسم الخريطة المجتمعية لكل شياخة ثم الخريطة المجتمعية للحي.
- تحديد بعض المقاهي التي يجتمع بها أعضاء اللجنة مع الشباب لتبادل الآراء في وقت معين ويوم محدد كل أسبوع.
- يتم تحديد أولويات المشاكل العاجلة وما هي المشاكل التي يمكن للجنة التصدي لها والمشاكل التي تحتاج لدور حكومي .
- يمكن تقسيم اللجنة العامة إلي لجان نوعية مثل لجنة النظافة ، لجنة الرقابة علي الأسواق ، لجنة الرقابة علي الأفران ، لجنة الرقابة علي توزيع البوتاجاز ، لجنة التوعية ، لجنة إعلام ، لجنة مالية ( الموارد) وهكذا.
- تحدد اللجنة القضية الأكثر إلحاحاً وتنظم حملة شعبية حولها تعتمد علي كل سكان الحي .
"يجب ألا تتحول اللجنة إلي سلطة وإلا نعود لتكرار مأساة الحزب الوطني وأن تظل تطوعية ومستقلة"
أشكال للعمل والتنظيم
يمكن للجنة الشعبية أن تدفع ببعض المبادرات التي يشارك بها بعض أعضاء اللجنة مع سكان من الحي مثل:
- لجان محو أمية .
- مجموعات تقوية.
- لجان لمتابعة النظافة.
- تأسيس جمعيات أهلية.
- تأسيس جمعيات تعاونية.
- أنشطة ثقافية ورياضية في مراكز الشباب .
- أنشطة ثقافية في بيوت الثقافة .
- اتحاد لشاغلي المساكن في شارع معين يتولي متابعة النظافة وربما يقوم بعمل مشروعات تجميل وتشجير وإنارة وطلاء لواجهات المنازل مع الحصول علي التراخيص اللازمة لذلك.والبحث عن حلول جماعية للمشاكل.
- اتحادات أو روابط للشباب العاطلين تبحث عن حلول مشتركة.
- نقابات أو روابط لتنظيم الباعة الجائلين وتحديد مواقع محددة لهم بالتنسيق مع الحي.
- لجان للمشاركة في إدارة المدارس والمستشفيات.
- لجان للرقابة علي أداء الأجهزة التنفيذية.
لقد نشأت اللجان الشعبية لضرورة فرضها الانفلات الأمني .لكن يبقي للجان الشعبية دور هام وحيوي ومتجدد.وهي جزء من الناس وليست بديلاً عنهم. وتستمد اللجان شرعيتها من الناس والتفافهم حولها وليس بالقانون.بذلك يمكن أن تصبح اللجان الشعبية جزء من حياة كل حي في مصر.

إلهامي الميرغني

ليست هناك تعليقات: